كذلك قال الله من قبل: أي قاله تعالى لنا قبل عودتنا إلى المدينة فلن تتبعونا ولن تخرجوا معنا.

فسيقولون بل تحسدوننا: أي فسيقولون بل تحسدوننا وفعلا فقد قالوا ذلك وزعموا أنه ليس أمراً من الله هذا المنع، وإنما هو من الرسول والمؤمنين حسداً لهم، وهذا دال على نفاقهم وكفرهم والعياذ بالله.

بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا: أي لا يفهمون فهم الحاذق الماهر إلا قليلا وفي أمور الدنيا لا غير.

معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في مطلب هداية المنافقين من الحضر والبادية وذلك بالحديث عنهم وكشف عوارهم ودعوتهم إلى التوبة والرجوع إلى الحق عند ظهور انحرافهم وسوء أحوالهم فقال تعالى لرسوله. سيقول المخلفون الذين تقدم الحديث عنهم وأنهم تخلفوا عن الحديبية من الأعراب الذين هم مزينة وجهينة وغفار وأشجع. أي سيقولون لكم إذا انطلقتم إلى مغانم1 لتأخذوها ذرونا نتبعكم، وذلك أن الله تعالى بعد صلح الحديبية وما نال أهلها من آلام نفسية أكرمهم بنعم كثيرة منها أنه واعدهم بغنائم خيبر بأن يتم لهم فتحها ويغنمهم أموالها وكانت أموالا عظيمة، فلما عادوا إلى المدينة وأعلن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الخروج إلى خيبر جاء هؤلاء المخلفون يطالبون بالسير2 معهم لأجل الغنيمة لا غير، قال تعالى {يرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ3 اللهِ} وهو وعده لأهل الحديبية بأن يغنمهم غنائم خيبر، ولذا أمر رسوله أن يقول لهم لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل أي فقد أخبرنا تعالى بحالكم ومقالكم هذا قبل أن تقولوه وتكونوا عليه. وقوله {فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا} هذا من جملة ما أخبر تعالى به رسوله والمؤمنين قبل قولهم له وقد قالوه أي ما منعتمونا من الخروج إلى خيبر إلا حسداً لنا أن ننال من الغنائم أي لم يكن الله أمركم بمنعنا ولكن الحسد هو الذي أمركم وقوله تعالى بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا أي وصمهم بوصمة الجهل وجعلها هي علة تخبطهم وحيرتهم وضلالهم، أنهم قليلو الفهم والإدراك فليسوا على مستوى الرجل الحاذق الماهر البصير الذي يحسن القول والعمل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015