معنى الآيات:
ما زال السياق في طلب هداية قوم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنه بعد أن ذكرهم بعاد وما أصابها من دمار وهلاك نتيجة شركها وكفرها وإصرارها على ذلك فقال تعالى {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ} إلى آخر الآيات ذكرهم هنا بما هو تقريع لهم وتوبيخ إذا أراهم أن الجن خير منهم لسرعة استجابتهم للدعوة والقيام بتبليغها فقال تعالى {وَإِذْ1 صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ2} أي اذكر لقومك من كفار مكة وغيرها إذ صرفنا إليك نفراً من الجن وهم عدد ما بين السبعة إلى التسعة من جن نصيبين وكانوا من أشراف الجن وسادتهم صرفناهم إليك أي أملناهم إليك وأنت تقرأ في صلاة الصبح ببطن نخلة بين مكة والطائف صرفناهم إليك يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا3 أي أصغوا واستمعوا ولا تشوشوا, قاله بعضهم لبعض, فلما قضي أي القرآن فرغ منه، ولوا إلى قومهم أي رجعوا إلى قومهم من الجن بنصيبين ونينوي منذرين إياهم أي مخوفينهم من عذاب الله إذا استمروا على الشرك والمعاصي فماذا قالوا لهم قالوا ما أخبر تعالى به عنهم قالوا يا قومنا4 إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى5 وهو القرآن مصدقا لما بين يديه أي من الكتب الإلهية التي سبق نزولها كصحف إبراهيم والتوراة والزبور والإنجيل، ووصفوا القرآن بما يلي يهدي إلى الحق والصواب في كل شيء اختلف فيه الناس من العقائد والديانات والأحكام، ويهدي إلى صراط مستقيم أي طريق قاصد غير جور ألا وهو الإسلام دين الأنبياء عامة.
وقالوا مبلغين منذرين {يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللهِ} 6 وهو محمد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {وَآمِنُوا بِهِ} أجيبوه إلى ما يدعو إليه من توحيد الله وطاعته وآمنوا بعموم رسالته بكل ما جاء به من الهدى ودين الحق ويكون جزاؤكم على ذلك أن {يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} أي يغفر لكم الذنوب التي بينكم وبين الله تعالى بسترها عليكم ولا يؤاخذكم بها، وأما الذنوب التي بينكم وبين بعضكم بعضاً فإنها لا تغفر إلا من قبل المظلوم نفسه باستسماحه أو رد الحق إليه، وقوله