معنى الآيات:

تقدم في الآيات بيان اعتقاد بعض المشركين في استواء حال المؤمنين والكافرين يوم القيامة وأن الله تعالى أبطل ذلك الاعتقاد منكراً له عليهم، وهنا حكى قول منكري البعث بالكلية ليرد عليهم وفي ذلك دعوة لعامة الناس إلى الإيمان والعمل الصالح للإسعاد والكمال في الحياتين ولله الحمد والمنة فقال عز وجل: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا1 الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْرُ2} أي وقال منكرو البعث والجزاء يوم القيامة ما هناك إلا حياتنا هذه التي نحياها وليس ورائها حياة أخرى، إننا نموت ونحيا أي نموت نحن الأحياء ويحيى أبناؤنا من بعدنا وهكذا تستمر الحياة أبداً يموت الكبار ويحيى الصغار، وما يهلكنا إلا الدهر أي وما يميتنا ويفنينا إلا مرور الزمان وطول الأعمار وهو إلحاد كامل وإنكار للخالق عز وجل وهو تناقض منهم لأنهم إذا سألوا من خلقهم يقولون فينسبون إليه الخلق وهو أصعب ولا ينسبوا إليه الإماتة وهي أهون من الخلق فرد تعالى عليهم مذهبهم "الدهري" بقوله: {وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ} أي ليس3 لهم على معتقدهم هذا أدنى علم نقلياً كان ولا عقلياً أي يتلقوه عن وحي أوحاه الله إلى من شاء من عباده ولا عن عقل سليم راجح لا ينقض حكمه كالواحد مع الواحد اثنان والأبيض خلاف الأسود وما إلى ذلك من القضايا العقلية التي لا ترد فهؤلاء الدهريون ليس لهم شيء من ذلك ما لهم إلا الظن والخرص وقضايا العقيدة لا تكون بالظن. والظن أكذب الحديث.

وقوله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ} أي وإذا قرأ عليهم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيات القرآن الدالة على البعث والجزاء تدعوهم إلى الإيمان به واعتقاده {مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ4} أي لم تكن لهم من حجة يردون بها ما دعوا إليه إلا قولهم5: أئتوا بآبائنا إن كنتم صادقين أي أحيوا لنا آبائنا الذين ماتوا وأحضروهم عندنا إن كنتم صادقين في ما تخبروننا من البعث والجزاء. فقال تعالى في رد هذه الشبهة وبيان للحق في المسألة قل الله يحيكم ثم يميتكم، ثم يجمعكم إلى يوم القيامة لا ريب6 فيه ولكن أكثر الناس لا يعلمون أي قل يا رسولنا لهؤلاء الدهرين المنكرين للبعث الله يحيكم إذ كنتم نطفاً ميته

طور بواسطة نورين ميديا © 2015