فأي آيات الله تنكرون: أي فأي آية من تلك الآيات تنكرون فإنها لظهورها لا تقبل الإنكار.

معنى الآيات:

بعد تلك الدعوة الإلهية للمشركين إلى الإيمان والتوحيد والبعث والجزاء والتي تلوّن فيها الأسلوب وتنوّعت فيها العبارات والمعاني، والمشركون يزدادون عتواً قال تعالى لرسوله آمراً إياه بالصبر (1) على الاستمرار على دعوته متحملاً الأذى في سبيلها {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ} فيخبره بأن ما وعده ربه حق وهو نصره عليهم وإظهار دعوة الحق ولو كره المشركون. وقوله: {فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ (2) بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ} أي من العذاب الدنيوي {أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ} قبل ذلك {فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ} فنعذبهم بأشد أنواع العذاب في جهنم، وننعم عليك بجوارنا في دار الإنعام والتكريم أنت والمؤمنون معك. هذا ما دلت عليه الآية الأولى (77) وقوله تعالى في الآية الثانية (78) {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ} يخبر تعالى رسوله مؤكدا له الخبر مسلياً له حاملاً له على الصبر بأنه أرسل من قبله رسلا كثيرين منهم من قص خبرهم عليه ومنهم من لم يقصص (3) وهم كثير وذلك بحسب الفائدة من القصص وعدمها وأنه لم يكن لأحدهم أن يأتي بآية كما طالب بذلك قومه، والمراد من الآية المعجزة الخارقة للعادة، إلا بإذن الله، إذ هو الوهاب لما يشاء لمن يشاء، فإذا جاء أمر الله بإهلاك المطالبين بالآيات تحدياً وعناداً ومكابرةً قضي بالحق أي حكم الله تعالى بين الرسول وقومه المكذبين له المطالبين بالعذاب تحدياً، فنجَّى رسوله والمؤمنين وخسر هنالك المبطلون من أهل الشرك والتكذيب.

وقوله تعالى في الآية الثالثة (79) {اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ} يعرفهم تعالى بنفسه مقرراً ربوبيته الموجبة لألوهيته فيقول الله أي المعبود بحق هو الذي جعل لكم الأنعام على وضعها الحالي الذي ترون لتركبوا منها (4) وهي الإبل، ومنها تأكلون ومن بعضها تأكلون كالبقر والغنم ولا تركبون، ولكن فيها منافع وهي الدَّرُّ والوبر والصوف والشعر والجلود ولتبلغوا عليها حاجة في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015