معنى الآيات:

ما زال السياق في البرهنة على إمكان البعث ووقوعه لا محالة فقال تعالى {وَآيَةٌ لَهُمُ} أي علامة لهم أخرى على قدرة الله على البعث {اللَّيْلُ نَسْلَخُ (1) مِنْهُ النَّهَارَ} أي نفصل عنه النهار بمعنى نزيله عنه فإذا هم في الليل مظلمون أي داخلون في الظلام فهذه آية على قدرة الله على البعث وقوله {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ (2) لَهَا} أي تجري في فلكها منه تبتدئ سيرها وإليه ينتهي سيرها وذلك مستقرها، ولها مستقر آخر وهو نهاية الحياة الدنيا، وإنها لتسجد كل يوم تحت (3) العرش وتستأذن باستئناف دورانها فيؤذن لها كما صح بذلك الخبر عن سيد البشر محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكونها تحت العرش فلا غرابة فيه فالكون كله تحت العرش وكونها تستأذن فيؤذن لها لا غرابة فيه إذا كانت النملة تدبر أمر حياتها بإذن ربها وتقول وتفكر وتعمل فالشمس أحرى بذلك وأنها تنطق بنطقها الخاص وتستأذن ويؤذن لها وقوله تعالى {ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ} أي الغالب على مراده العليم بكل خلقه، وتقدير سير الشمس في فلكها بالثانية وتقطع فيه ملايين الأميال أمر عجب ونظام سيرها طوال الحياة فلا يختل بدقيقة ولا يرتفع مستواها شبراً ولا ينخفض شبراً يترتب على ذلك خراب العالم الأرضي كل ذلك لا يقدر عليه إلا الله، أليس المبدع هذا الإبداع في الخلق والتدبير قادر على إحياء من خلق وأمات؟ بلى، بلى إن الله على كل شيء قدير. وقوله تعالى {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ (4) مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ} هذه آية أخرى على إمكان البعث وحتميته والقمر كوكب منير يدور حول الأرض ينتقل في منازله الثمانية والعشرين منزلة بدقة فائقة وحساب دقيق ليعرف بذلك سكان الأرض عدد السنين والحساب إذ لولاه لما عرف يوم ولا أسبوع ولا شهر ولا سنة ولا قرن. فالقمر يبدأ هلالاً صغيرا ويأخذ في الظهور فيكبر بظهوره شيئاً فشيئاً حتى يصبح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015