إذ جاءها المرسلون: أي رسل عيسى عليه السلام.
فعززنا بثالث: أي قوينا أمر الرسولين ودعوتهما برسول ثالث وهو حبيب النجار.
وما علينا إلا البلاغ المبين: أي التبليغ الظاهر البين بالأدلة الواضحة وهي إبراء الأكمه والأبرص والمريض وإحياء الموتى.
إنا تطيرنا بكم: أي تشاءمنا بكم وذلك لانقطاع المطر عنا بسببكم.
قالوا طائركم معكم: أي شؤمكم معكم وهو كفركم بربكم.
أئن ذكرتم: أوعظتم وخوفتم تطيرتم وهذا توبيخ لهم.
بل أنتم قوم مسرفون: أي متجاوزون للحد في الشرك والكفر.
معنى الآيات:
قوله تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً (1) } أي واضرب أيها الرسول لقومك المصرين على الشرك والتكذيب لك ولما جئتهم به من الهدى ودين الحق {مَثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ} فإن حالهم في التكذيب والغلّو في الكفر والعناد كحال هؤلاء. إذ جاءها المرسلون وهم رسل عيسى (2) عليه السلام إذ بعث برسولين ثم لما آذوهما بالضرب والسجن بعث بشمعون الصفي رأس الحواريين تعزيزاً لموقفهما كما قال تعالى {فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ} (3) ، فقالوا لأهل أنطاكية (4) {إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ} من قبل عيسى عليه السلام ندعوكم إلى عبادة الرحمن وترك عبادة الأوثان فـ {قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ} أي ما أنتم إلا تكذبون علينا في دعواكم أنكم رسل إلينا فقال الرسل {رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ} فواجهوا شك القوم فيهم بما يدفع الشك من القسم وتأكيد الخبر بالجملة الاسمية ولام التوكيد فقالوا: {رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ} أي البين الواضح فإن قبلتم ما دعوناكم إليه فذلك حظكم من الخير والنجاة وإن أبيتم فذلك حظكم من الهلاك والخسار. ورد أهل أنطاكية على الرسل قائلين: {إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ} أي تشاءمنا (5) بكم حيث انقطع المطر بسببكم* فرد عليهم المرسلون بقولهم {طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ} أي شؤمكم في كفركم وتكذيبكم، ولذ حبس الله عنكم المطر