ثم جعلكم أزواجاً: أي ذكراً وأنثى.
وما تحمل من أنثى: أي ما تحمل من جنين ولا تضعه إلا بإذنه.
وما يعمر من معمر: أي وما يطول من عمر ذي عمر طويل إلا في كتاب.
ولا ينقص من عمره: أي بأن يجعل أقل وأقصر من العمر الطويل إلا في كتاب.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في تقوية روح الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والشد من عزمه أمام تقلبات المشركين وعنادهم ومكرهم فقال تعالى: {أَفَمَنْ (1) زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً (2) } أي أفمن زين له الشيطان ونفسه وهواه قبيح عمله وهو الشرك والمعاصي فرآه حسنا كمن هداه الله فهو على نور من ربه يرى الحسنة حسنة والسيئة سيئة والجواب: لا، لا. وقوله تعالى: {فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} يضل بعدله وحسب سنته في الإضلال من يشاء من عباده، ويهدي بفضله من يشاء هدايته إذاً فلا تذهب (3) نفسك أيها الرسول على عدم هدايتهم حسرات فتهلك نفسك تحسّراً على عدم هدايتهم. وقوله {إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} فلذا لا داعي إلى الحزن والغمّ ما دام الله تعالى وهو ربهم قد أحصى أعمالهم وسيجزيهم بها وقوله تعالى {وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً} أي تزعجه وتحركه. {فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ} (4) أي لا نبات ولا زرع به {فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ} أي كما أن الله تعالى ينزل من السماء ماء فيحيي به الأرض بعد موتها كذلك يحيى الموتى إذ بعد فناء العالم ينزل الله تعالى من تحت العرش ماء فينبت الإنسان من عظم يقال له عجُبُ الذَنَّب فيتم خلقه، ثم يرسل الله تعالى الأرواح فتدخل كل روح في جسدها فلا تخطئ روح جسدها. هكذا كما تتم عملية إحياء الأرض بالنبات تتم عملية إحياء الأموات ويساقون إلى المحشر ويجزى كل نفس بما كسبت والله سريع الحساب.