لهم لا يفوتون الله تعالى ولا يهربون من قبضته. وقوله تعالى: {وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ (1) } أي قالوا بعد ما بعثوا وفزعوا من هول القيامة قالوا آمنا به أي بالله وكتابه ولقائه ورسوله، قال تعالى {وَأَنَّى لَهُمُ (2) التَّنَاوُشُ} أي التناول للإيمان من مكان بعيد إذ هم في الآخرة والإيمان كان في الدنيا فكيف يتناولونه بهذه السهولة ويقبل منهم وينجون من العذاب هذا بعيد جداً ولن يكون أبداً وقد كفروا به من قبل أي لا سيما وأنهم قد عرض عليهم الإيمان وهم قادرون عليه فرفضوه فكيف يمكنون منه الآن. وقوله {وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ (3) مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} أي وها هم اليوم في الدنيا يقذفون بالغيب محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقواصم الظهر مرة يقولون كاذب ومرة ساحر ومرة شاعر وأخرى مجنون وكل هذا رجما بالغيب لا شبهة لهم فيه ولا أدنى ريبة تدعوهم إليه وأخيراً قال تعالى: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} وهو الإيمان الموجب للنجاة كما فعل بأشياعهم (4) أي أشباههم وأنصارهم من أهل الكفر والتكذيب لما جاءهم العذاب قالوا آمنا ولم ينفعهم إيمانهم وأهلكوا فألقوا في الجحيم، وقوله {إِنَّهُمْ (5) كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ} أي مشركو قريش وكفارها أخبر تعالى أنهم كانوا في الدنيا في شك من توحيدنا ونبينا ولقائنا مريب أي موقع لهم في الريب والاضطراب فلم يؤمنوا فماتوا على الكفر والشرك وهذا جزاء من يموت على الشرك والكفر.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- دعوة الله تعالى ينبغي أن لا يأخذ الداعي عليها أجراً، ويحتسب أجره على الله عز وجل.
2- بيان صدق الله تعالى في قوله جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد إذ ما هو إلاّ سنيّات والإسلام ضارب
بجرانه في الجزيرة فلا دين فيها إلا الإسلام.
3- الإيمان الاضطراري لا ينفع صاحبه كإيمان من رأى العذاب.
4- الشك كفر ولا إيمان مع رؤية العذاب.