بتقرير التوراة والإنجيل للتوحيد والنبوات والبعث والجزاء قالوا لن نؤمن بالجميع عناداً ومكابرة وجحوداً وظلما. ولازم هذا أنهم ظلمة معاندون ومن باب دعوتهم إلى الهدى ستعرض الآيات لهم حالهم يوم القيامة فيقول تعالى لرسوله وهم يستمعون {وَلَوْ تَرَى} (1) يا رسولنا {إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ} أي يتحاورون متلاومين. يقول الذين استضعفوا وهم الفقراء المرءوسين الذين كانوا أتباعاً لكبرائهم وأغنيائهم، يقولون للذين استكبروا عليهم في الدنيا: لولا أنتم أي صرفتمونا عن الإيمان واتباع الرسول لكنا مؤمنين فيرد عليهم الكبراء بما أخبر تعالى عنهم في قوله: {قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ (2) صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ} أي ما صددناكم أبدا بل كنتم مجرمين أي أصحاب إجرام وفساد ويرد عليهم المستضعفون قائلين بما أخبر تعالى به عنهم {وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ (3) اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ (4) } أي بل مكركم (5) بنا في الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أنداداً. قال تعالى {وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ (6) } أي أخفوها لما رأوا العذاب. قال تعالى: {وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا} أي شدت أيديهم إلى أعناقهم بالأغلال وهي جمع غل حديدة يشد بها المجرم، ثم أدخلوا الجحيم إذ كانوا في موقف خارج جهنم، وقوله تعالى: {هَلْ (7) يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} أي ما يجزون إلا ما كانوا يعملون فالجزاء بحسب العمل إن كان خيراً فخيرٌ وإن كان شراًّ فشرٌّ، وكانت أعمالهم كلها شرّاً وظلماً وباطلاً.

هذا وجواب لولا في أول السياق محذوف يقدر بمثل: لرأيت أمراً فظيعاً واكتفي بالعرض لوقفهم عن ذكره فإنه أتم وأشمل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015