دُونِ اللهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً (1) } أي ولا يجد المخالفون لأمر الله العصاة له ولرسوله من دون الله ولياً يتولاهم فيدفع عنهم ما أراد الله بهم من سوء، ولا نصيراً ينصرهم إذا أراد الله إذلالهم وخذلانهم لسوء أفعالهم، وقوله تعالى في الآية (18) في هذا السياق {قَدْ يَعْلَمُ اللهُ (2) الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ} أخبرهم تعالى بأنه قد علم المعوقين أي المثبطين عن القتال والمخذلين بما يقولونه سراً في صفوف المؤمنين كالطابور الخامس في الحروب وهم أناس يذكرون في الخفاء عظمة العدو وقوته ويرهبون منه ويخذلون عن قتاله. وقوله {وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا} أي تعالوا إلينا إلى المدينة واتركوا محمداً وأصحابه يموتون وحدهم فإنهم لا يزيدون عن أكلة جزور. وقوله {وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلاً} أي لا يشهد القتال ويحضره أولئك المنافقون المثبطون والذين قالوا إن بيوتنا عورة إلا قليلاً إذ يتخلفون في أكثر الغزوات وإن حضروا مرة قتالاً فإنما هم يدفعون به معرة التخلف ودفعا لتهمة النفاق التي لصقت بهم.

وقوله تعالى {أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ} (3) وصفهم بالبخل بعد وصفهم بالجبن وهما شر صفات المرء أي الجبن والبخل أشحة عليكم أي بخلاء لا ينفقون معكم ولا على الجهاد ولا على الفقراء والمحتاجين وقوله تعالى {فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ (4) } أي بسبب هجوم العدو {رَأَيْتَهُمْ} أيها الرسول {يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ} لائذين بك {تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ} من الخوف {كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ} وهو المحتضر يغمى عليه لما يعاني من سكرات الموت وهذا تصوير هائل لمدى ما عليه المنافقون من الجبن والخوف وعلة هذا هو الكفر وعدم الإيمان بالقدر والبعث والجزاء.

وقوله {فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ} أي راحت أسبابه بانتهاء الحرب {سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ} أي سلقكم أولئك الجبناء عند اللقاء أي ضربوكم بألسنة ذربة حادة كالحديد بالمطالبة بالغنيمة أو بالتبجح الكاذب بأنهم فعلوا وفعلوا. وهذا حالهم إلى اليوم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015