أي فيما يأمرهم به وينهاهم عنه ويطلبه منهم هو أحق به من أنفسهم، وبذلك أعطى الله تعالى رسوله من الرفعة وعلو الشأن ما لم يعط أحداً غيره جزاء له على صبره على ما أخذ منه من بنوّة زيد رضي الله عنه الذي كان يدعى بزيد بن محمد فأصبح يعرف بزيد بن حارثة.
وقوله تعالى {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ (1) } يريد في الإرث فأبطل تعالى بهذه الآية التوارث بالإيمان والهجرة والحلف الذي كان في صدر الإسلام وأصبح التوارث بالنسب والمصاهرة والولاء لا غير. وقوله {كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراًً} التوارث بالأرحام أي بالقرابات مكتوب في اللوح المحفوظ وقوله {إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفاً} أي إلا أن توصوا بوصيّة جائزة وهي الثلث لأحد من المؤمنين والمهاجرين ومن حالفتم فلا بأس فهي جائزة ولا حرمة (2) فيها، وقوله {كَانَ ذَلِكَ} أي المذكور من التوارث بالقرابات لا غير وجواز الوصية بالثلث لمن أبطل إرثهم بالإيمان والهجرة والمؤاخاة، في اللوح المحفوظ وهو كتاب المقادير مسطوراً أي مكتوباً مسطراً فلا يحل تبديله ولا تغييره. وقوله تعالى {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ (3) مِيثَاقَهُمْ} أي اذكر يا رسولنا لقومك أخذنا الميثاق وهو العهد المؤكد باليمين من النبيين عامة بأن يعبدوا الله وحده ويدعوا أممهم إلى ذلك، ومن أولي العزم من الرسل خاصة وهم أنت يا محمد، ونوح (4) وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم وقوله {وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً} أعيد اللفظ تكراراً لتقريره، وليرتب عليه قوله {لِيَسْأَلَ} تعالى يوم القيامة {الصَّادِقِينَ} (5) وهم الأنبياء {عَنْ صِدْقِهِمْ} في تبليغ رسالتهم تقريعاً لأممهم الذين كفروا وكذبوا. فأثاب المؤمنين {وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً أَلِيماً} أي موجعاً وهو عذاب النار.