إن الله عزيز حكيم: أي عزيز في انتقامه غالب ما أراده حكيم في تدبير خلقه.
ما خلقكم ولا بعثكم: أي ما خلقكم ابتداء ولا بعثكم من قبوركم إعادة لكم إلا كخلق وبعث نفس واحدة.
معنى الآيتين:
قوله تعالى {وَلَوْ أَنَّمَا (1) فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ (2) أَقْلامٌ} أي لو أن شجر الأرض كله قطعت أغصانه شجرة شجرة حتى لم تبق شجرة وبريت أقلاماً، والبحر المحيط صار مدادا ومن ورائه سبعة أبحر أخرى تحولت إلى مداد وتمُد البحر الأول وكتب بتلك الأقلام وذلك المداد كلمات الله لنفد البحر والأقلام ولم تنفد كلمات الله، وذلك لأن الأقلام والبحر متناهية وكلمات الله غير متناهية فعلم الله وكلامه كذاته وصفاته لا تتناهي بحال، نزلت هذه الآية رداً على اليهود لما قيل لهم {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً} قالوا وكيف هذا وقد أوتينا التوراة فيها تبيان كل شيء. كما نزل رداّ على أبي بن خلف قوله تعالى: {مَا خَلْقُكُمْ (3) وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ (4) وَاحِدَةٍ} إذ قال للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كيف يخلقنا الله خلقا جديداً في يوم واحد ليحاسبنا ويجزينا، ونحن خلقنا أطوراً وفي قرون عديدة فأنزل الله تعالى قوله {مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ} إلا كخلق وبعث نفس واحدة {إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (5) } فما يسمع المخلوقات ولا يشغله صوت عن صوت، ويبصرهم ولا تحجبه ذات عن ذات كذلك هو يبعثهم في وقت واحد ولو أراد خلقهم جملة واحدة لخلقهم لأنه يقول للشيء كن فيكون.
هداية الآيتين:
من هداية الآيتين:
1- بيان سعة علم الله تعالى وأنه تعالى متكلم وكلماته لا تنفد بحال من الأحوال.
2- بيان أن ما أوتيه الإنسان من علوم ومعارف ما هو بشيء إلى علم الله تعالى.