مقابل خلقهم ورزقهم وكلاءتهم في حياتهم وحفظهم وقوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الِْإنْسَانَ (1) بِوَالِدَيْهِ} أي عهدنا إلى الإنسان آمرين إياه ببرِّ والديه أي أمه وأبيه، وبرّهما بذل المعروف لهما وكف الأذى عنهما وطاعتهما (2) في المعروف، وقوله تعالى: {حَمَلَتْهُ} أي الإنسان {أُمُّهُ} أي والدته {وَهْناً عَلَى (3) وَهْنٍ} أي ضعفاً على ضعف وشدة على أخرى وهي آلام وأتعاب الحمل والطلق والولادة والإرضاع فلهذا تأكد برّها فوق بر الوالد مرتين لحديث الصحيح: "من أحق الناس بحسن صحبتي؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال: أبوك" وقوله {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} أي فطام الولد من الرضاع في عامين فأول الرضاع ساعة الولادة وآخره تمام الحولين ويجوز فصله عن الرضاع خلال العامين، وقوله: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} هذا الموصى به وهو أن يشكر لله تعالى وذلك بطاعته تعالى فيما يأمره به وينهاه عنه، وذكره بقلبه ولسانه وقوله {وَلِوَالِدَيْكَ} إذ هما قدما معروفاً وجميلا فوجب شكرهما، وذلك ببرهما وصلتهما وطاعتهما في غير معصية الله ورسوله، لأن طاعة الله كشكره قبل طاعة الوالدين وشكرهما وقوله {إِلَيَّ الْمَصِيرُ} أي الرجوع بعد الموت وهذه الجملة مؤكدة لواجب شكر الله تعالى وبر الوالدين لما تحمله من الترغيب والترهيب فالمطيع إذا رجع إلى الله أكرمه والعاصي أهانه. وما دام الرجوع إليه تعالى حتميّاً فطاعته بشكره وشكر الوالدين متأكدة متعيّنة. وقوله تعالى {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً} أي وإن جاهداك أيها الإنسان والداك وبذلا جهدهما في حملك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم وهو عامة الشركاء إذ ما هناك من يصح إشراكه في عبادة الله قط. فلا تطعهما في ذلك أبداً، {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا (4) } أي في الحياة بالمعروف وهو برهما وصلتهما وطاعتهما في غير معصية الله تعالى ورسوله، وقوله: {وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ} أي اتبع طريق من أناب إليّ بتوحيدي وعبادتي والدعوة إليّ