بكل ذنوبهم لأنهى حياتهم على وجودهم (1) ، ولكنه الرحمن الرحيم بعباده اللطيف بهم. وقوله تعالى {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ} قل يا رسولنا لكفار قريش المكذبين لك المشركين بربهم: سيروا في الأرض شمالاً أو جنوباً أو غرباً فانظروا بأعينكم كيف كان عاقبة الذين كذبوا رسلهم وكفروا بربهم من قبلكم إنها كانت دماراً وهلاكاً فهل ترضون أن تكونوا مثلهم. وقوله {كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ} أي كان أكثر أولئك الأقوام الهالكين مشركين فالشرك والتكذيب الذي أنتم عليه هو سبب هلاكهم وخسرانهم وقوله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ} أي استقم يا رسولنا أنت والمؤمنون معك على الدين الإسلامي إذ لا دين يقبل سواه فاعتقدوا عقائده وامتثلوا أوامره واجتنبوا نواهيه وتأدبوا بآدابه وتخلقوا بأخلاقه وأقيموا حدوده وأحلوا حلاله وحرموا حرامه وادعوا إليه وعلموه الناس أجمعين، واصبروا على ذلك فإن العاقبة للمتقين وقوله: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ} أي افعلوا ذاك الذي أمرتكم به قبل مجيء يوم القيامة حيث لم يكن عمل وإنما جزاء، وقوله {لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ} أي إنه لا يرده الله إذا جاء ميعاده لأنه قضى بإتيانه لا محالة من أجل الجزاء على العمل في الدنيا. وقوله {يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ} أي يوم يأتي اليوم الذي لا مرد له يصدعون أي يتفرقون فرقتين (2) كما يتصدع الجدار فرقتين فريق في الجنة وفريق في النار. وقوله: {مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ} أي من كفر اليوم فعائد كفره عليه يوم القيامة، {وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً} أي اليوم {فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ} أي يوطئون فرشهم في الجنة (3) إذ عائدة عملهم الصالح تعود عليهم لا على غيرهم، وقوله {لِيَجْزِيَ (4) الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْ فَضْلِهِ} أي يصدعون فرقتين من أجل أن يجزي الله تعالى أولياءه المؤمنين العاملين للصالحات من فضله إذ أعمالهم حسبها أنها زكَّت نفوسهم فتأهلوا لدخول الجنة أما النعيم المقيم فيها فهو من فضل الله فقط. وقوله {إِنَّهُ (5) لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} هذه جملة علة لجملة محذوفة إذ التقدير: ويجزي الكافرين بعدله وهو سوء العذاب لأنه لا يحب الكافرين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015