السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ (1) وَأَجَلٍ مُسَمّىً} أي لم يخلقهما عبثا بل خلقهما ليذكر ويُشكر، ثم إذا تم الأجل المحدد لهما أفناهما ثم بعث عباده ليحاسبهم هل ذكروا وشكروا أو تركوا ونسوا وكفروا ثم يجزيهم بحسب إيمانهم وطاعتهم أو كفرهم وعصيانهم.
وقوله تعالى {وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ} يخبر تعالى أنه مع ظهور الأدلة وقوة الحجج على صحة عقيدة البعث والجزاء فإن كثيرا من الناس كافرون بالبعث والجزاء وقوله تعالى في الآية (9) {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} أي أيكذّب أولئك المشركون بالبعث والجزاء ولم يسيروا في الأرض شمالاً وجنوباً (2) فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم هلاكا ودماراً، {كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ} بالإنشاء والتعمير والزراعة والفلاحة {وَعَمَرُوهَا} عمارة أكثر مما عَمَرَها هؤلاء، {وَجَاءَتْهُمْ (3) رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ} ، ولما أهلكهم لم يكن ظالما لهم بل كانوا هم الظالمين لأنفسهم. أليس في هذا دليلا على حكمة الله وعلمه وقدرته فكيف ينكر عليه بعثه لعباده يوم القيامة لحسابهم ومجازاتهم؟
وقوله تعالى {ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا} أي الأعمال فلم يصلحوها حيث كذّبوا برسل الله وشرائعه. وقوله: {السُّوأَى (4) } أي عاقبة الذين أساءوا السوأى أي العاقبة السوأى وهو خسرانهم وهلاكهم، وقوله {أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ} أي من أجل أنهم كذبوا بآيات الله {وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ} وأصروا على ذلك ولم يتوبوا.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- تقرير عقيدة البعث والجزاء بذكر الأدلة العقلية المثبتة لها.
2- كفر أكثر الناس (5) بالبعث مع كثرة الأدلة وقوتها.