ماء المطر فأحيا به الأرض بعد موتها بالقحط والجدب لأجابوك قائلين: الله إذاً قل لهم: الحمد (1) لله على اعترافكم بالحق لو أنكم تعملون بمقتضاه فما دام الله هو الذي ينزل الماء ويحيي الأرض بعد موتها فالعبادة إذاً لا تنبغي إلا له فلم إذاً تعبدون معه آلهة أخرى لا تنزل ماء ولا تحيي أرضا ولا غيرها، {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ} إذ لو عقلوا ما أشركوا بربهم أحجاراً وأصناماً ولا ما تناقضوا هذا التناقض في أقوالهم وأفعالهم يعترفون بالله ربا خالقاً رازقاً مدبراً ويعكفون على الأصنام يستغيثون بها ويدعونها ويعادون بل ويحاربون من ينهاهم عن ذلك.

وقوله تعالى: {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا} أي التي أعمت الناس عن الآخرة وصرفتهم عن التزود لها ما هي {إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ (2) } إذ يتشاغل بها الكافر ويعمل لها الليل والنهار ثم يموت ويخرج منها صفر اليدين كالأطفال يلعبون طوال النهار ثم يعودون بلا شيء سوى ما نالهم من التعب فالواجب أن تحول إلى عمل صالح مثمر يتزود به العبد إلى آخرته إذ الآخرة هي الحيوان أي الحياة الكاملة الخالدة فلها يعمل العاملون، وفي عملها يتنافس المتنافسون. وهذا معنى قوله تعالى: {وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ} أي الدار الآخرة {لَهِيَ الْحَيَوَانُ} (3) أي الحياة التي يجب أن نعمل لها لبقائها وخيريّتها، وقوله: {لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} أي نعم إذ لو علموا أن الآخرة خير لما أقبلوا على الدنيا وأعرضوا عن الآخرة، ولكن جهلهم هو سبب إعراضهم، فدواؤهم العلم.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- التعجب من تناقض المشركين الذين يؤمنون بربوبية الله ويجحدون ألوهيته.

2- بيان حقيقة وهي أن الغنى والفقر لا يدلان على رضا الرب ولا على سخطه، وإنما يدلان على علم الله

وحكمته وحسن تدبيره.

3- بيان حقارة الدنيا وتفاهتها وعظمة الآخرة وعلو قيمتها. فلذا أحمق الناس وأشدهم سفاهة من يعمى عن

الآخرة ويكفر بها ويبصر الدنيا ويؤمن بها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015