وما كنت ترجو: أي تأمل أن ينزل عليك القرآن ويوحى به إليك.
إلا رحمة من ربك: لكن رحمة من الله وفضل أنزله عليك.
فلا تكونن ظهيراً: أي فمن شُكر هذه النعمة ألا تكون معينا للكافرين.
ولا يصدنك: أي لا يصرفنك عن العمل بآيات الله بعد أن شرفك الله بإنزالها عليك.
وادع إلى ربك: أي ادع الناس إلى الإيمان بالله وعبادته وترك الشرك به.
ولا تدع مع الله إلهاً آخر: أي لا تعبد مع الله إلهاً آخر بدعائه والذبح والنذر له.
كل شيء هالك: أي فان.
إلا وجهه: أي إلا الله سبحانه وتعالى فلا يهلك كما يهلك ما عداه.
معنى الآيات:
تقدم في السياق الكريم الدعوة إلى أصول الدين الثلاثة: التوحيد، والنبوة، والبعث والجزاء وهذه خاتمة ذلك في هذه السورة الكريمة فقال تعالى: {إِنَّ الَّذِي (1) فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ} أي أنزله عليك وفرض عليك تلاوته وتبليغه والعمل بما فيه، {لَرَادُّكَ} أي لمرجعك (2) {إِلَى مَعَادٍ (3) } وهو العودة إلى مكة بعد خروجك منها واشتياقك إلى العودة إليها وإلى الجنة بعد وفاتك لأنك دخلتها ليلة عُرج بك إلى السماء وفي هذا تقرير لنبوته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالوحي إليه، وقوله تعالى: {قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} فإنه تعليم له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما يرد به على المشركين الذين اتهموه بأنه ضال في دعوته وخروجه عن دين آبائه وأجداده علَّمه أن يقول لهم ربي أعلم بمن جاء بالهدى وهو أنا، رسول الله، ومن هو في ضلال مبين وهو أنتم أيها المشركون. وقوله {وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ} أي وما كنت يا محمد تأمل أن ينزل عليك القرآن، وذلك قبل بعثته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقوله {إِلَّا رَحْمَةً مِنْ (4) رَبِّكَ} أي لكن رحمة ربك عليك اقتضت إنزاله عليك لتكون رسول الله للعالمين، وهي نعمة كبيرة وإفضال عظيم فاشكره بما يلي:
(1) {فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكَافِرِينَ} أي عوناً لهم بحال من الأحوال.