تعالى: {أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا} (1) . وقالوا: {إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ} وذلك أن قريشا لما كثر المؤمنون وهالهم الموقف بعثوا إلى يهود المدينة يسألونهم بوصفهم أهل الكتاب الأول عن مدى صدق محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما يقوله فأجابهم اليهود بأنهم يجدون نعوت النبي الأمي في التوراة وأنه رسول حق وليس بكذاب ولا دجال فما كان من المشركين من قريش إلا أن أعلنو كفرهم بالتوراة وقالوا: التوراة والقرآن {سِحْرَانِ (2) } تعاونا فلا نؤمن بهما ولا نصدق من جاء بهما وقرئ {سَاحِرَانِ} أي موسى ومحمد عليهما السلام فلا نؤمن بهما.
هذا معنى قوله تعالى {أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ} أي بكل منهما كافرون.
فكيف لا يخجلون اليوم ويطالبون محمداً أن يعطى مثل الذي أعطي موسى من الآيات يا للعجب أين يذهب بعقول المشركين؟!!
وقوله تعالى: {قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ} أي قل يا رسولنا لهؤلاء المشركين الذين كفروا بالتوراة والقرآن {فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ} أنزله بعلمه يكون أكثر هداية من التوراة والقرآن.. أتبعه! {إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} في دعواكم بأن الفرقان والتوراة سحران تظاهرا.
وقوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ} بالإتيان بكتاب من عند الله تعالى هو أهدى من الفرقان والتوراة ومن أين لهم بذلك.. إنه المستحيل! إذاً فاعلم أنهم إنما يتبعون أهواءهم فيما يقولون ويدعون فلا عقل ولا نقل عندهم {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ} ؟! اللهم إنه لا أضل منه. والنتيجة أنه لا أضل من هؤلاء المشركين من قريش وقوله تعالى {إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ (3) الظَّالِمِينَ} هذا بيان لسنة الله تعالى في الظالمين الذين أكثروا من الظلم وتوغلوا فيه عقيدة بالشرك وعملا بالمعاصي فإنه يحرمهم الهداية فلا يهتدون أبدا.
وقوله تعالى: {وَلَقَدْ (4) وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} أي لقد وصلنا لهؤلاء المشركين