أوزعني أن أشكر: أي ألهمني ووفقني لأن أشكر نعمتك التي أنعمت علي.
معنى الآيات:
هذا بداية قصص داوود وسليمان عليهما السلام ذكر بعد أن أخبر تعالى أنه يلقن رسوله محمداً ويعلمه من لدنه وهو العليم الحكيم ودلل على ذلك بموجز قصة موسى عليه السلام ثم ذكر دليلاً آخر وهو قصة داوود وسليمان، فقال تعالى {لَقَدْ آتَيْنَا} أي أعطينا داوود وسليمان {عِلْماً} أي الوالد والولد علماً خاصاً كمعرفة منطقة الطير وصنع الدروع وإلانة الحديد زيادة على علم الشرع والقضاء (1) ، وقوله تعالى {وَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ} أي شكرا ربهما بقولهما {الْحَمْدُ لِلَّهِ} أي الشكر لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين بما آتاهما من الخصائص والفواضل. هذا ما دلت عليه الآية الأولى (14) وأما الآية الثانية (15) فقد أخبر تعالى فيها أن سليمان ورث أباه داوود وحده دون باقي أولاده (2) وذلك في النبوة والملك، لا في الدرهم والدينار والشاة والبعير، لأن الأنبياء لا يورثون فما يتركونه هو صدقة (3) . كما أخبر أن سليمان قال في الناس (4) {يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ (5) الطَّيْر} فما يصفر طير إلا علم ما يقوله في صفيره، وأوتينا من كل شيء أوتيه غيرنا من النبوة والملك والعلم والحكمة {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ} أي فضل الله تعالى البين الظاهر. وقوله تعالى {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُه} أي جمع له جنوده {مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ وَالطَّيْر فَهُمْ يُوزَعُونَ} هو إخبار عن مسير كان لسليمان مع جنده {فَهُمْ يُوزَعُونَ} أي جنوده توزع تساق بانتظام. بحيث لا يتقدم بعضها بعضا فيرد دائما أولها إلى آخرها محافظة على النظام في السير، وما زالوا سائرين كذلك حتى أتوا على واد النمل بالشام فقالت نملة من النمل {يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} قالت هذا