معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في قصص شعيب عليه السلام مع أصحاب الأيكة وأهل مدين إنه لما ذكرهم ووعظهم وأمرهم كان جوابهم ما أخبر به تعالى عنهم في قوله {قالوا إنما أنت} أي يا شعيب {من المسحرين} الذي غلب السحر على عقولهم فلا يدرون ما يفعلون وما لا يقولون1 كما أنك بشر مثلنا تأكل الطعام وتشرب الشراب فما أنت بملك من الملائكة حتى نطيعك، {وإن نظنك} 2 أي وما نظنك إلا من الكاذبين من الناس {فأسقط علينا كسفاً} 3 أي قطعاً من السماء تهلكنا بها {إن كنت من الصادقين} في دعوى أنك رسول من الله إلينا. فأجابهم قائلاً بما ذكر تعالى {قال ربي أعلم بما تعملون} ولازم ذلك أنه سيجازيكم بعملكم قال تعالى {فكذبوه} في كل ما جاءهم به واستوجبوا لذلك العذاب {فأخذهم عذاب يوم4 الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم} فقد أنزل الله تعالى عليهم حراً شديداً التهب منه الجو أو كاد فلجأوا إلى المنازل والكهوف والسراديب تحت الأرض فلم تغن عنهم شيئاً، ثم ارتفعت في سماء بلادهم سحابة فذهب إليها بعضهم فوجدها روحاً وبرداً وطيباً فنادى الناس أن هلموا فجاءوا فلما اجتمعوا تحتها كلهم انقلبت نارا فأحرقتهم ورجفت بهم الأرض من تحتهم فهلكوا عن آخرهم.
قال تعالى {إن في ذلك لأية} 5 أي علامة لقومك يا محمد على قدرتنا وعلمنا ووجوب عبادتنا وتصديق رسولنا ولكن أكثرهم لا يؤمنون لما سبق في علمنا أنهم لا يؤمنون، وإن ربك يا محمد لهو العزيز أي الغالب على أمره الرحيم بمن تاب من عباده.