أصلكم وهو أبوكم آدم من تراب وبلا شك، ثم خلقكم أنتم من نطفة1 أي ماء الرجل وماء المرأة وبلا شك، ثم من علقة2 بعد تحول النطفة إليها ثم من مضغة3 بعد تحول العلقة إليها وهذا بلا شك أيضاً، ثم المضغة إن شاء الله تحويلها إلى طفل خلقها وجعلها طفلاً، وإن لم يشأ ذلك لم يخلقها وأسقطها من الرحم4 كما هو معروف ومشاهد، وفعل الله ذلك من أجل أن يبين لكم قدرته وعلمه وحسن تدبيره لترهبوه وتعظموه وتحبوه وتطيعوه وقوله: {ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلاً5} أي ونقر تلك المضغة المخلقة في الرحم إلى أجل مسمى وهو ميعاد ولادة الولد وانتهاء حمله ونخرجكم طفلاً أي أطفالاً صغاراً لا علم لكم ولا حلم، ثم ننميكم ونربيكم بما تعلمون من سننا في ذلك {ثم لتبغلوا أشدكم} أي تمام نماء أبدانكم وعقولكم {ومنكم من يتوفى} قبل بلوغه أشده لأن الحكمة الإلهية اقتضت وفاته ومنكم من يعيش ولا يموت حتى يرد إلى أرذل العمر فيهرم ويخرف ويصبح كالطفل لا يعلم بعد علم كان له قبل هرمه شيئاً هذا دليل البعث وهو دليل عقلي منطقي وبرهان قوي على حياة الناس بعد موتهم إذ الذي خلقهم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة يوجب العقل قدرته على إحيائهم بعد موتهم، إذ ليست الإعادة بأصعب من البداية. ودليل عقلي آخر هو ما تضمنه قوله تعالى: {وترى الأرض} أيها الإنسان {هامدة} خامدة ميتة لا حراك فيها ولا حياة فإذا أنزل الله تعالى عليها الماء من السماء {اهتزت} أي تحركت {وربت} أي ارتفعت وانتفخت تربتها وأخرجت من النباتات المختلفة الألوان والطعوم والروائح {من كل زوج بهيج} جميل المنظر حسنه، أليس وجود تربة صالحة كوجود رحم صالحة وماء المطر كماء الفحل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015