قال تعالى: في خطاب رسوله محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {واضرب لهم} أي لأولئك المغرورين بالمال والسلطان {مثل الحياة الدنيا} أي صفتها الحقيقية التي لا تختلف عنها بحال {كماء أنزلناه من1 السماء، فاختلط به نبات الأرض} فَزَهَا وازدهر واخضرّ وأنظر، فأعجب أصحابه، وأفرحهم وسرهم ما يأملون منه. وفجأة أتاه أمر الله برياح لاحِفَة، محرقة، {فأصبح2 هشيماً} أي يابساً متهشماً متكسراً {تذروه الرياح} هنا وهناك {وكان الله على كل شيء مقتدراً} أي قادراً كامل القدرة، فأصبح أهل الدنيا مبلسين آيسين من كل خير.

وقوله تعالى: {المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثواباً وخير أملاً} إنه بعد أن ضرب المثل للحياة الدنيا التي غرت أبناءها فأوردتهم موارد الهلاك أخبر بحقيقة أخرى، يعلم فيها عباده لينتفعوا بها، وهي أن {المال والبنون} أو الأولاد {زينة الحياة3 الدنيا} لا غير أي يتجمل بهما ساعة ثم يبيدان ويذهبان، فلا يجوز الاغترار بهما، بحيث يصبحان همَّ الإنسان في هذه الحياة فيصرفانه عن طلب سعادة الآخرة بالإيمان وصالح الأعمال، هذا جزء الحقيقة في هذه الآية، والجزء الثاني هو أن {الباقيات الصالحات} والمراد بها أفعال البر وضروب العبادات ومنها سبحان الله4، والحمد لله، ولا إله إلاّ الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله، أي هذه {خير ثواباً} أي جزاءً وثماراً، يجنيه العبد من الكدح المتواصل في طلب الدنيا مع الإعراض عن طلب الآخرة، {وخير أملاً} يأمله الإنسان من الخير ويرجوه ويرغب في تحصيله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015