ومنعناهم من وصول أحد إليهم، وهذا من مظاهر قدرتنا وعظيم سلطاننا بعثناهم من نومهم الطويل ليتساءلوا بينهم فقال قائل منهم مستفهماً كم لبثتم يا إخواننا فأجاب بعضهم قائلاً {لبثنا يوماً أو بعض يوم} لأنهم آووا إلى الكهف في الصباح وبعثوا من رقادهم في المساء وأجاب بعض آخر بقول مُرْضٍ للجميع وهو قوله: {ربكم أعلم بما لبثتم} فسلموا الأمر إليه، وكانوا جياعاً فقالوا لبعضهم {فابعثوا أحدكم بورقكم1 هذه} يشيرون إلى عملة من فضة كانت معهم {إلى المدينة} وهي أفسوس التي خرجوا منها هاربين بدينهم. وقوله: {فلينظر أيها أزكى طعاماً فليأتكم برزق منه} أي فلينظر الذي تبعثرنه لشراء الطعام أي أنواع الأطعمة أزكى أي أطهر من الحرام والاستقذار {فليأتكم2 برزق منه} لتأكلوه سداً لجوعكم وليتلطف3 في شرائه وذهابه وإيابه حتى لا يشعر بكم أحداً وعلل لقوله هذا بقوله {إنهم إن يظهروا عليكم} أي يطلعوا {يرجموكم} أو يقتلوكم رجماً بالحجارة4 {أو يعيدوكم في ملتهم} ملة الشرك بالقسر والقوة. {ولن تفلحوا إذاً أبداً} أي ولن تفلحوا بالنجاة من النار ودخول الجنة إذا أنتم عدتم للكفر والشرك.. فكفرتم وأشركتم بربكم.

وقوله تعالى: {وكذلك أعثرنا عليهم} أي وكما أنمناهم تلك المدة الطويلة وبعثناهم ليتساءلوا بينهم فيزدادوا إيماناً ومعرفة بولاية الله تعالى وحمايته لأوليائه {أعثرنا عليهم5} أهل مدينتهم الذين انقسموا إلى فريقين فريق يعتقد أن البعث حق وأنه بالأجسام، والأرواح، وفريق يقول البعث الآخر للأرواح دون الأجسام كما هي عقيدة النصارى إلى اليوم، فأنام الله الفتية وبعثهم وأعثر عليهم هؤلاء القوم المختلفين فأتضح لهم أن الله قادر على بعث الناس أحياء أجساماً وأرواحاً كما بعث أصحاب الكهف وهو معنى قوله تعالى {وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا} أي أولئك المختلفون في شأن البعث أن وعد الله حق وهو ما وعد به الناس من أنه سيبعثهم بعد موتهم يوم القيامة ليحاسبهم ويجزيهم بعملهم. {وأن الساعة لا ريب فيها} وقوله تعالى: {إذ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015