عيناً يجري ماؤها على وجه الأرض لا ينقطع {أو تكون لك جنة} أي بستان من نخيل وعنب، {فتفجر الأنهار خلالها} أي خلال الأشجار تفجيراً، {أو تسقط السماء كما زعمت علينا1 كسفاً} أي قطعاً، {أو تأتي بالله والملائكة قبيلا2} أي مقابلة نراهم معاينة، {أو يكون لك بيت من زخرف} أي من ذهب تسكنه بيننا {أو ترقى في السماء} أي تصعد بسلم ذي درج في السماء، {ولن نؤمن لرقيك3} إن أنت رقيت {حتى تنزل علينا كتاباً} من عند الله {نقرأه} يأمرنا فيه بالإيمان بك واتباعك! هذه ست طلبات كل واحدة اعتبروها آية متى شاهدوها زعموا أنهم يؤمنون، والله يعلم أنهم لا يؤمنون، فلذا لم يستجب لهم وقال لرسوله: قل يا محمد لهم. {سبحان الله} متعجباً من طلباتهم {هل كنت إلا بشراً رسولاً} ! ؟! أي هل كنت غير بشر رسول؟ وإلا كيف يطلب مني هذا الذي طلبوا، إن ما تطلبونه لا يقدر عليه عبد مأمور مثلي، وإنما يقدر عليه رب عظيم قادر، يقول للشيء كن.... فيكون! وأنا ما ادعيت ربوبية، وإنما أصرح دائماً بأني عبد الله ورسوله إليكم لأبلغكم رسالته بأن تعبدوه وحده ولا تشركوا به سواه وتؤمنوا بالبعث الآخر وتعملوا له بالطاعات وترك المعاصي. وقوله تعالى: {وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى} أي وما منع أهل مكة أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى4 على يد رسولهم {إلا أن قالوا} أي إلا قولهم {أبعث الله بشراً رسولاً} منكرين على الله أن يبعث رسولاً من البشر!

وقوله تعالى: {قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكاً رسولاً} أي قل يا رسولنا لهؤلاء المنكرين أن يكون الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشراً، المتعجبين من ذلك، قل لهم: لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين ساكنين في الأرض لا يغادرونها لنزلنا عليهم من السماء ملكاً رسولاً يهديهم بأمرنا ويعلمهم ما يطلب منهم فعله بإذننا لأنهم يفهمون عنه لرابطة الجنس بينهم والتفاهم الذي يتم لهم. ولذا بعثنا إليكم رسولاً من جنسكم تفهمون ما يقول لكم يقدر على إفهامكم والبيان لكم فكيف إذا تنكرون الرسالة للبشر وهي أمر لا بد منه؟!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015