كان في الامكان التوصل بها إلى هداية الضالين، وذلك أن الشيطان كان ومازال للإنسان عدواً مبيناً أي بين العداوة ظاهرها فهو لا يريد للكافر أن يسلم، ولا يريد للمسلم أن يؤجر ويثاب في دعوته. وقوله تعالى: {ربكم أعلم بكم إن يشأ يرحمكم} فيتوب عليكم فتسلموا. {أو إن يشأ يعذبكم} بأن يترككم تموتون على شرككم فتدخلوا النار. مثل هذا الكلام ينبغي أن يقول المؤمنون للكافرين لا أن يصدروا الحكم عليهم بأنهم أهل النار والمخلدون فيها فيزعج ذلك المشركين فيتمادوا في العناد والمكابرة. وقوله تعالى: {وما أرسلناك عليهم1 وكيلا} . يقول تعالى لرسوله إنا لم نرسلك رقيبا عليهم فتجبرهم على الإسلام وإنما أرسلناك مبلغا دعوتنا إليهم بالأسلوب الحسن وهدايتهم إلينا، وفي هذا تعليم للمؤمنين كيف يدعون الكافرين إلى الإسلام. وقوله تعالى: {وربك أعلم بمن في السموات والأرض} يخبر تعالى رسوله والمؤمنين ضمناً أنه تعالى أعلم بمن في السموات والأرض فضلا عن هؤلاء المشركين فهو أعلم بما يصلحهم وأعلم بما كتب لهم أو عليهم من سعادة أو شقاء، وأسباب ذلك من الإيمان أو الكفر، وعليه فلا تحزنوا على تكذيبهم ولا تيأسوا من إيمانهم، ولا تتكلفوا ما لا تطيقون في هدايتهم فقولوا التي هي أحسن واتركوا أمر هدايتهم لله تعالى هو ربهم وأعلم بهم وقوله تعالى: {ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض وآتينا داود زبوراً2} ، يخبر تعالى عن انعامه بين عباده فالذي فاضل بين النبيين وهم أكمل الخلق وأصفاهم فهذا فضله بالخلة كإبراهيم وهذا بالتكليم كموسى، وهذا بالكتاب الحافل بالتسابيح والمحامد والعبر والمواعظ كداود، وأنت يا محمد بمغفرته لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، وبإرسالك إلى الناس كافة إلى غير ذلك من الإفضالات وإذا تجلت هذه الحقيقة لكم وعرفتم أن الله أعلم بمن يستحق الهداية وبمن يستحق الضلالة، وكذا الرحمة والعذاب ففوضوا الأمر إليه، وادعوا عباده برفق ولين وبالتي هي أحسن من غيرها من الكلمات.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- النهي عن الكلمة الخشنة المسيئة إلى المدعو إلى الإسلام.