وجادلهم بالتي هي أحسن: أي بالمجادلة التي هي أحسن من غيرها.
لهو خيرٌ للصابرين: أي خيرٌ من الانتقام عاقبةً.
ولا تك في ضيق مما يمكرون: أي لا تهتم بمكرهم، ولا يضيق صدرك به.
مع الذين اتقوا: أي اتقوا الشرك والمعاصي.
والذين هم محسنون: أي في طاعة الله، ومعصيته تعالى هي نصره وتأييده لهم في الدنيا.
معنى الآيات:
يخاطب الرب تعالى رسوله تشريفاً وتكليفاً: {ادع إلى سبيل ربك1} أي إلى دينه وهو الإسلام سائر الناس، وليكن دعاؤك {بالحكمة} التي هي القرآن الكريم الحكيم {والموعظة الحسنة} وهي مواعظ القرآن وقصصه وأمثاله، وترغيبه وترهيبه، {وجادلهم بالتي هي أحسن} أي خاصمهم بالمخاصمة التي هي أحسن وهي الخالية من السب والشتم والتعريض بالسوء، فإن ذلك أدعى لقبول الخصم الحق وما يدعي إليه، وقوله تعالى: {إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله} من الناس {وهو أعلم بالمهتدين} وسيجزيهم المهتدي بهداه، والضال بضلاله، كما هو أعلم بمن ضل واهتدى أزلاً. فهون على نفسك ولا تشطط في دعوتك فتضر بنفسك، والأمر ليس إليك. بل لربك يهدي من يشاء ويضل من يشاء وما عليك إلا الدعوة بالوصف الذي وصف لك، بالحكمة والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن، وقوله تعالى {وإن عاقبتم2 فعاتبوا بمثل ما عوقبتم به} لا أكثر، {ولئن صبرتم} وتركتم المعاقبة {لهو} أي صبركم {خيرٌ} لكم من المعاقبة على الذنب والجناية، وقوله تعالى: {واصبر} على ترك ما عزمت عليه أيها الرسول من التمثيل بالمشركين جزاء تمثيلهم بعمك حمزه، فأمره بالصبر ولازمه ترك المعاقبة والتمثيل معاً، وقوله: {وما صبرك إلا بالله} أي إلا بتوفيقه وعونه، فكن مع ربك