السلام، ومن باب إبطال الباطل وإزاحة ستار الشبه وتنقية الحق لدعوة الحي والدين الحق ذكر تعالى جملةً من حياة إبراهيم الروحية والدينية كمثال حي ناطق لكل عاقل إذا نظر إليه عرف هل هو متبع لإبراهيم يعيش على ملته أو هو على غير ذلك. فقال تعالى {إن إبراهيم كان1 أمة} أي إماماً صالحاً جامعاً لخصال الخير، يقتدي به كل راغب في الخير. هذا أولاً وثانياً أنه كان قانتاً أي مطيعاً لربه فلا يعصي له أمراً ولا نهياً ثالثاً لم يك من المشركين بحال من الأحوال بل هو بريء من الشرك وأهله، ورابعاً كان شاكراً لأنعم الله تعالى عليه أي صارفاً نعم الله عليه فيما يرضي الله، خامساً اجتباه ربه أي اصطفاه لرسالته وخلته لأنة أحب الله أكثر من كل شيء فتخلل حب الله قلبه فلم يبق لغيره في قلبه مكان. فخالّه الله أي بادله خلة بخلّة فكان خليل الرحمن. سادساً وهداه إلى صراط مستقيم الذي هو الإسلام، سابعاً وآتاه في الدنيا حسنة وهي الثناء الحسن والذكر الجميل من جميع أهل الأديان الإلهية الأصل. ثامناً وإنه في الآخرة لمن الصالحين الذين قال الله تعالى فيهم: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وهي منزلة من أشرف المنازل وأسماها. تاسعاً مع جلالة قدر النبي محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورفعة مكانته أمره الله تعالى أن يتبع ملة إبراهيم حنيفاً.
هذا هو إبراهيم فمن أحق بالنسبة إليه، المشركون؟ لا! اليهود؟ لا، النصارى؟ لا! المسلمون الموحدون؟ نعم نعم اللهم اجعلنا منهم واحشرنا في زمرتهم وأكرمنا يوم تكرمهم.
وقوله تعالى: {إنما جعل السبت2 على الذين اختلفوا فيه} فيه دليل على بطلان دعوى اليهود أنهم على ملة إبراهيم ودينه العظيم، إذ تعظيم السبت لم يكن من دين إبراهيم،