وصبروا فأخبر الله تعالى عنهم بأنه لهم مغفرته ووحمته، فلا يخافون ولا يحزنون فقال تعالى {ثم إن 1ربك} أيها الرسول {للذين هاجروا2 من بعدما فتنوا} أي عُذِّبوا {ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من3 بعدها لغفورٌ رحيم} أي غفورٌ لهم رحيمٌ بهم.

وقوله تعالى: {يوم4 تأتي كل نفس تجادل عن نفسها} أي اذكر ذلك واعظاً به المؤمنين أي تخاصم طالبةً النجاة لنفسها {وتوفى كل نفسٍ ما عملت} أي من خير أو شر {وهم لا يظلمون} لأن الله عدلٌ لا يجور في الحكم ولا يظلم. وقوله تعالى: {وضرب الله مثلاً قرية5} أي مكة {كانت آمنة} من غارات الأعداء {مطمئنة} لا ينتابها فزعٌ ولا خوف، لما جعل الله تعالى في قلوب العرب من تعظيم الحرم وسكانه، {يأتيها رزقها رغداً} أي واسعاً {من كل6 مكان} حيث يأتيها من الشام واليمن في رحلتيهما في الصيف والشتاء {فكفرت بأنعم الله} وهي تكذيبها برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإنكارها للتوحيد، وإصرارها على الشرك وحرب الإسلام { (فأذاقها الله لباس الجوع} فدعا عليهم الرسول اللهم اجعلها عليهم سنين كسنين يوسف السبع الشداد، فأصابهم القحط سبع سنوات فجاعوا حتى أكلوا الجِيفْ والعهن، وأذاقها لباس الخوف إذ أصبحت سرايا الإسلام تعترض طريق تجارتها بل تغزوها في عقر دارها، وقوله تعالى {بما كانوا يصنعون7} أي جزاهم لله بالجوع والخوف بسبب صنيعهم الفاسد وهو اضطهاد المؤمنين بعد كفرهم وشركهم وإصرارهم على ذلك. وقوله تعالى: {ولقد جاءهم رسولٌ منهم} هو محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {فكذبوه} أي جحدوا رسالته وانكروا نبوته وحاربوا دعوته {فأخذهم العذاب} عذاب الجوع والخوف والحال أنهم {ظالمون} أي مشركون وظالمون لأنفسهم حيث عرضوها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015