يتفق هذا مع ما يقولون انهم يكذبون لا غير، وقوله تعالى {إن الذين لا يؤمنون بآيات الله} وهي نورٌ وهدى وحججٌ قواطع، وبرهان ساطع {لا يهديهم الله} إلى معرفة الحق وسبيل الرشد لأنهم أعرضوا عن طريق الهداية وصدوا عن سبيل العرفان وقوله {ولهم عذاب أليم} أي جزاء كفرهم بآيات الله. وقوله {إنما يفتري1 الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون} أي إنما يختلق الكذب ويكذب فعلاً الكافر بآيات الله لأنه لا يرجو ثواب الله ولا يخاف عقابه، فلذا لا يمنعه شيء عن الكذب، أما المؤمن فإنه يرجو ثواب الصدق ويخاف عقاب الكذب فلذا هو لا يكذب أبداً، وبذا تعين أن النبي لم يفتر الكذب وإنما يفترى الكذب أولئك المكذبون بآيات لله وهم حقاً الكاذبون. وقوله تعالى: {من كفر2 بالله من بعد إيمانه إلا من أكره} 3 على التلفظ بالكفر {وقلبه مطمئن بالإيمان} لا يخامره شك ولا يجد اضطراباً ولا قلقاً فقال كلمة الكفر لفظاً فقط، فهذا كعمار بن ياسر كانت قريش تكرهه علي كلمة الكفر فأذن له الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قولها بلسانه ولكن المستحق للوعيد الآتي {من شرح بالكفر صدراً} أي رضي بالكفر وطابت نفسه وهذا وأمثاله {فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم} أي باءوا بغضب الله وسخطه ولهم في الآخرة عذاب عظيم، وعلل تعالى لهذا الجزاء العظيم بقوله {ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة} بكفرهم بالله وعدم إيمانهم به لما في ذلك من التحرر من العبادات، فلا طاعة ولا حلال ولا حرام. وقوله تعالى: {وإن الله لا يهدي القوم الكافرين} هذا وعيد منه تعالى سبق به علمه وأن القوم الكافرين يحرمهم التوفيق للهداية عقوبة لهم على اختيارهم الكفر وإصرارهم عليه. وقوله تعالى: {أولئك الذين طبع الله على قلوبهم} وعلى سمعهم وأبصارهم أولئك الذين توعدهم الله بعدم هدايتهم هم الذين طبع على قلوبهم فهم لا يفهمون {وسمعهم} فهم لا يسمعون المواعظ ودعاء الدعاة إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015