بما صنعوا به من إلقائه في الجب وبيعه عبداً وبذلك فرقوا بينه وبين والده وأخيه شقيقه وقوله: {إذ أنتم جاهلون} أي بما يصير إليه أمر يوسف وهنا قالوا في اندهاش وتعجب: {أإنك لأنت يوسف} فأجابهم قائلاً بما أخبر تعالى به عنه {قال أنا يوسف1 وهذا أخي قد منّ الله علينا} أي أنعم علينا فجمع بيننا على أحسن حال ثم قال: {إنه من يتق ويصبر} أي يتق الله يخافه فيقيم فرائضه ويتجنب نواهيه ويصبر على ذلك وعلى ما يبتليه به {فإن الله لا يضيع أجر المحسنين} 2 أي في طاعة ربهم والإسلام له ظاهراً وباطناً. وهنا قالوا له ما أخبر به تعالى عنهم: {قالوا تالله لقد آثرك الله علينا} 3 أي بالعلم والعمل والفضل {وإن كنا لخاطئين} فيما فعلنا بك، فكان هذا توبة منهم فقال لهم: {لا تثريب4 عليكم اليوم} أي لا عتب ولا لوم ولا ذكر لما صنعتم لأنه يؤذي {يغفر5 الله لكم وهو أرحم الراحمين} سأل الله تعالى له ولهم المغفرة وأثنى على الله تعالى بأنه أرحم الراحمين متعرضاً لرحمته تعالى له ولإخوته. ثم سألهم عن والده فأخبروه أنه قد عمي من الحزن عليه فقال: {اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيراً} 6 أي يرجع بصيراً كما كان {وأتوني بأهلكم أجمعين} 7 يريد أبويه والنساء والأطفال والأحفاد. وهو تحول كامل للأسرة الشريفة من أرض كنعان إلى أرض مصر تدبيراً من الله العزيز الحكيم.

هداية الآيات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015