مِنْهَا أَنه ثَبت فِي الحَدِيث الصَّحِيح أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (نضر الله أمرأ سمع مَقَالَتي فوعاها ثمَّ أَدَّاهَا كَمَا سَمعهَا فَرب حَامِل فقه إِلَى من هُوَ أفقه مِنْهُ) وَفِي رِوَايَة فَرب حَامِل فقه غير فَقِيه وَثَبت أَن الْفِتْنَة وَقعت بَين الصَّحَابَة مَا لَهَا سَبَب إِلَّا اخْتلَافهمْ فِي الْفَهم وَثَبت فِي الصَّحِيح أَن عدي بن حَاتِم الصَّحَابِيّ رَضِي الله عَنهُ غلط فِي معنى قَوْله تَعَالَى {حَتَّى يتَبَيَّن لكم الْخَيط الْأَبْيَض من الْخَيط الْأسود} وَجعل تَحت وسادته عِقَالَيْنِ أسود وأبيض فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّك لَعَرِيض الْقَفَا أَو عريض الوساد وَثَبت فِي الصَّحِيح أَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا لما روى حَدِيث الْمَيِّت يعذب ببكاء أَهله قَالَت عَائِشَة مَا كذب وَلكنه وَهل أَي أَخطَأ فِي فهم مَا سمع
وَفِي الصَّحِيح عَنهُ أَيْضا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (أَرَأَيْتكُم ليلتكم هَذِه فان على رَأس مائَة سنة مِنْهَا لَا يبْقى مِمَّن هُوَ الْيَوْم على ظهر الأَرْض أحدا) خرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَزَاد فِيهِ التِّرْمِذِيّ وَأَبُو دَاوُد قَالَ ابْن عمر فوهل النَّاس فِي مقَالَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا يتحدثونه من هَذِه الْأَحَادِيث يَعْنِي حسبوه أَرَادَ الْقِيَامَة وَفِي الْمُسْتَدْرك عَن عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام نَحْو هَذَا
وأوضح من هَذَا كُله أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَرط التعمد فَقَالَ (من كذب عَليّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار) وَهُوَ حَدِيث متواتر فلولا جَوَاز الْخَطَأ مَا كَانَ لذَلِك فَائِدَة وَثَبت أَيْضا أَن عمر رَضِي الله عَنهُ شكّ فِي حَدِيث فَاطِمَة بنت قيس لمثل ذَلِك بل شكّ فِي حَدِيث عمار بن يَاسر رَضِي الله عَنهُ فِي التَّيَمُّم لخوف الْوَهم فان عمارا لَا يتهم بتعمد الْكَذِب وَلذَلِك أذن لَهُ فِي رِوَايَته مَعَ شكه فِي صِحَّته وَثَبت عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ (مَا عندنَا إِلَّا كتاب الله وَمَا فِي هَذِه الصَّحِيفَة) أَو فهم أوتيه رجل فَدلَّ على التَّفَاوُت فِي الْفَهم وَيدل عَلَيْهِ من كتاب الله قَوْله سُبْحَانَهُ {ففهمناها سُلَيْمَان وكلا آتَيْنَا حكما وعلما}
يُوضح ذَلِك أَنه قد اشْتَدَّ اخْتِلَاف الْعلمَاء فِي أَمريْن أَحدهمَا رِوَايَة الحَدِيث بِالْمَعْنَى حَيْثُ يستيقن الترادف والاستواء الْمُحَقق فِي الْعُمُوم وَالْخُصُوص والخفاء والجلاء وَأَن لَا تنقل اللَّفْظَة الْمُشْتَركَة إِلَى لَفْظَة غير مُشْتَركَة وَلَا