المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أجمعين.
أيها الإخوة والأخوات! السلام وعليكم ورحمة الله وبركاته، كل عام وأنتم بخير، تقبل الله منا ومنكم وعيدكم مبارك، أهلاً بكم إلى حلقة جديدة في برنامجكم آيات الحج في القرآن مع ضيفنا فضيلة الشيخ صالح بن عواد المغامسي إمام وخطيب مسجد قباء والذي نرحب فيه في هذه الحلقة، كل عام وأنتم بخير، تقبل الله منا ومنكم.
الشيخ: تقبل الله من الجميع، وحياكم الله شيخ سعد، وأتقدم بالتهنئة لإخواني المسلمين والمسلمات في جميع أقطار الأرض، ونسأل الله أن يتقبل مني ومنكم.
المقدم: نحن اليوم في يوم الحج الأكبر كما هو معروف في قوله تعالى: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ} [التوبة:3] فلماذا سمي يوم الحج الأكبر؟ الشيخ: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن والاه، وبعد: الأظهر من أقوال العلماء أن يوم الحج الأكبر هو يوم النحر، أي: يوم العيد الأول، أي: يوم عيد الأضحى، أي يوم العاشر من شهر ذي الحجة، وقد مر معنا أن الأظهر أنه اليوم الذي كلم الله جل وعلا فيه موسى إذ قال الله تبارك وتعالى: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} [الأعراف:142]، فعلى هذا يكون الله جل وعلا قد كلم كليمه ونبيه وصفيه موسى بن عمران عليه السلام في يوم الحج الأكبر أي: العاشر من ذي الحجة.
وأهل العلم يقولون: إن فيه من أفعال الحج ما ليس في غيره، ولنبدأ في أن نستقصيها من باب ماذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الحج الأكبر؟ مر معنا -في لقاء الأمس- أنه عليه الصلاة والسلام خرج من مزدلفة وأفاض منها قبل شروق الشمس، وأنه في مسيره من عرفة إلى مزدلفة أردف أسامة بن زيد، وفي مسيره عليه الصلاة والسلام من مزدلفة إلى منى أردف ابن عمه الفضل بن عباس رضوان الله تعالى عليه وعلى أبيه، وما زال يلبي حتى أتى جمرة العقبة، فلما أتى جمرة العقبة قطع تلبيته ورماها صلى الله عليه وسلم بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة.
عندما يقول الراوي: (رماها) فالرمي غير الوضع، فلو إن إنساناً وضعها في المرمى أو على الجسر ثم حركها بيده فهذا كله لا يسمى رمياً، فالرمي له طريقة معروفة، ترفع الذراع كاملة أو شبه كاملة ثم ترمى، والمقصود المرمى وهو الحوض، فلو لم تضرب في الشاخص فلا حرج، المهم أن تسقط في المرمى.
هذا أول أفعال الحج في يوم الحج الأكبر.
إذاً يبدأ الحاج برمي جمرة العقبة ولا يقف عندها.
ثم إنه صلى الله عليه وسلم أتى المنحر -وهو مكان في منى آنذاك كان مخصصاً للنحر- فنحر هديه، وكان معه عليه الصلاة والسلام مائة ناقة، وعلي رضي الله عنه خرج من اليمن حاجاً يقول في تلبيته: أهللت بما أهل به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشركه فيها.
وقد نحر منها صلى الله عليه وسلم ثلاثاً وستين بيده، وروى أحمد في المسند بسند صحيح (أنها تأتي على هيئات خمس أو ست، وكانت تتسابق أيهن يبدأ بها) وهذا من عظيم كرامته صلى الله عليه وسلم عند ربه.
فنحر ثلاثاً وستين بيده وترك لـ علي رضي الله عنه الباقي.
فلما نحر صلى الله عليه وسلم أتى بعد ذلك الحلاق فحلق رأسه، وقيل: إن الحلاق اسمه معمر جاء في بعض الروايات أنه معمر بن عبد الله، وقد أمر أن يبدأ بالشق الأيمن، ثم قسم صلى الله عليه وسلم شعره بين الناس للتبرك؛ لأنه يجوز التبرك بشعر النبي عليه الصلاة والسلام، لكن لم يبق منه شيء.
ثم إنه أتى بيته صلى الله عليه وسلم فطيبته عائشة لحله قبل أن يطوف بالبيت، أي تحلل من إحرامه وطيبته عائشة لحله كما طيبته لإحرامه، والتطييب في الإحرام يكون في البدن لا في الثوب على الأظهر.
ثم إنه صلى الله عليه وسلم أتى مكة فطاف بالبيت طواف الإفاضة المقصود بقول الله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج:29] وقد أجمع العلماء على أنه ركناً من أركان الحج لا يتم الحج إلا به.
وقد جاءت روايتان: رواية تقول: إنه صلى الظهر في مكة، ورواية تقول: إنه صلى الظهر في منى، وبعض العلماء يجمع بينهما فيقول: صلى الظهر في مكة ثم أعاد الصلاة في منى حتى يأتم به من لم يصل.
بهذا يكون صلى الله عليه وسلم قد أدى أعمالاً أربعة، هذه الأعمال الأربعة هي التي يظن أنها سبب في تسمية يوم العيد بيوم الحج الأكبر.
ولم يسع صلى الله عليه وسلم مما يدل على أنه كان قارناً، وليس على القارن إلا سعي واحد، وكان عليه الصلاة والسلام قد سعى أول ما قدم؛ أي سعى بعد طواف القدوم.
والسعي يكون على المتمتع.