الملقي: من الآيات التي نص عليها في هذه الآية مقام إبراهيم: {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ} [آل عمران:97].
الشيخ: طبعاً هذا تخليد لذكرى خليل الله جلا وعلا، وهذا من الثناء الذي وعده الله نبيه لما قال في دعائه: {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ} [الشعراء:84].
إنما الخلاف بين العلماء في هذا المقام، هل مكانه الحالي هو مكانه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والمسألة فيها أقوال عديدة تصل إلى أربعة: منهم من قال: إن مكانه الحالي هو المكان الذي كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفي عهد الخلفاء الراشدين، هذا قول.
وقال آخرون: إن المقام كان ملتصقاً بالكعبة، وأخر إلى هذا الموضع، بفعل النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا مروي عن مجاهد.
وقال آخرون: إنه كان ملتصقاً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأخره إلى هذا الموضع عمر رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وقيل غير ذلك.
والذي يظهر لي أن هذا المكان مقامه منذ أن كان النبي صلى الله عليه وسلم، لكن قول مجاهد أنه كان ملتصقاً بالكعبة له وجه من القوة، لكن الذين نقلوا حجة النبي صلى الله عليه وسلم لم ينقلوا لنا أن النبي أخره.
لكن نقبل قول مجاهد؛ لأنه لا بد أن يكون المقام ملتصقاً بالكعبة، حتى يستفيد منه إبراهيم ويرتقي عليه، لأنه إذا كان بعيداً لن يستفيد منه، لأن المقام وضع حتى يرقى إبراهيم عليه ويبني الكعبة.
وقصة المقام أنه حجر ارتقى عليه إبراهيم، حتى يكمل ما ارتفع من بناء الكعبة، والقبة الموجودة مستحدثة.
قال أبو طالب: وموطئ إبراهيم في الصخر رطبة على قدميه حافياً غير ناعل الذي يهم المؤمن أن الإنسان في كل أحواله عبد لله، فلما ألان إبراهيم لله قلبه، ألان الله الصخر تحت قدميه.
ومقام إبراهيم جعله الله جل وعلا مكاناً للصلاة: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة:125].
وقد ثبت في حديث حجة الوداع أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت، ثم أتى المقام، وتلا قول الله جل وعلا: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة:125].
وصلى خلف المقام مستقبلاً البيت صلوات الله وسلامه عليه.