يريد ابن وصي النبي, وفي مادة (وصى) من اللسان: ((أنما أراد ابن وصي النبي وابن ابن عمه، وهو الحسن بن علي، أو الحسين بن علي رضي الله عنهم، فأقام الوصي مقامها، ألا ترى أن علياً رضي الله عنه لم يكن في سجن عارم ولا سجن قط. قال ابن سيده: أنبأنا بذلك أبو العلاء عن أبي علي الفارسي، والأشهر أن محمد ابن الحنفية رضي الله عنه، حبسه عبد الله بن الزبير في سجن عارم، والقصيدة في شعر كثير مشهورة، والممدوح بها محمد ابن الحنفية)) انتهى.
(ومنه) قول دريد بن الصمة يرثي أخاه عبد الله:
فإن تعقب الأيّام والدهر فاعلموا ... بني قارب أنَّا غضاب بمعبد
وأن كان عبد الله خلّى مكانه ... فما كان طيّاشاً ولا رعش اليد
أراد بمعبد: عبد الله، وقد صرح به في البيت الثاني. والأقرب عد هذا من الخطأ اللفظي، أي بتحريف عبد بمعبد، وسهله له رجوع كلا اللفظين إلى معنى العبودة.
(ومنه) قول الآخر:
أرض تخيّرها الطيب مقيلها ... كعب بن مامة وابن أمّ دواد
قال البغدادي في الخزانة: ((هو أبو دواد الشاعر، واسمه جارية، والتقدير ابن أم أبي دواد فحذف الأب)) .
(ومنه) ما ذكره السيرافي في شرحه لكتاب سيبويه فقال: ((وأما ما لا يجوز في الشعر ولا في الكلام، فالغلط الذي يغلطه الشاعر في اسم أو غيره مما يظن أن الأمر فيه على ما قاله، كقوله:
والشيخ عثمان أبو عفّان
فظن أن عثمان يكنى أبو عفان، لأن اسم أبيه عفان، وإنما هو أبو عمرو فهذا مما لا يجوز)) .
(ومنه) قول لبيد يرثي عمه عامر بن مالك الملقب بملاعب الأسنة:
قوما تنوحان مع الأنواح ... وأبِّنا ملاعب الرماح
وقوله فيه:
لو أنّ حيًّا مدرك الفلاح ... أدركه ملاعب الرماح
فاضطرته القافية إلى تلقيبه بلقب غيره، لأن ملاعب الرماح هو عامر بن الطفيل. هذا على ما جاء في موارد البصائر ومادتي (رمح) و (لعب) من اللسان. وجاء في مادة (رمح) من القاموس: ((وملاعب الرماح: عامر بن مالك بن جعفر، والمعروف ملاعب الأسنة، وجعله لبيد رماحاً للقافية)) إلا أنه اقتصر فيه على المشهور في مادة (لعب) .
(ومنه) قول زهير:
فتنتج لكم غلمان أشأم كلّهم ... كأحمر عاد ثمّ ترضع فتفطم
فذكره أنه أخطأ في قوله كأحمر عاد، وهو أحمر ثمود، وقال بعض أهل اللغة: العرب تسمى ثمود: عاداً الآخرة، وتسمى قوم هود: عاداً الأولى، فقول زهير صحيح.
(ومنه) قول النمر بن تولب:
هلَّا سألت بعادياء وبيته ... والخلّ والخمر التي لم تمنع
وفتاتهم عنز عشيّة أبصرت ... من بعد مرأى في القضاء ومسمع
قالت أرى رجلاً يقلِّب نعله ... أصلاً وجوٌّ آمن لم يفزع
وعنز (بفتح فسكون) : اسم زرقاء اليمامة، وكانت على ما زعموا تبصر من مسيرة ثلاثة أيام، وهي من جديس، فجعلها الشاعر من بيت (عادياء) وهو أبو السموءل الأزدي الغساني، فأخطأ في وضعه اسماً موضع آخر.
وقال بعضهم: أراد بعادياء: عاداً، والعرب تقول: لكل شيء قديم عادي.
قلنا: وعلى هذا القول فهو من الخطأ اللفظي بتحريف عاد بعادياء. والأقرب في الاعتذار عنه قول ابن حبيب في شرحه لديوانه: ((نسب عنزاً إلى بيت عادياء، وليست منهم، وإنما كان شيئاً في أول الدهر فنسبه إلى بعضهم، كما قال زهير كأحمر عاد وإنما كان في ثمود)) .
(ومنه) قول البحتري من المولدين:
هم ثأروا الأخدود ليلة أغرقت ... رماحهم في لجّة البحر تبَّعا
قال أبو العلاء المعري في عبث الوليد: ((الذي غرق من ملوك اليمن في البحر لما أرهقته الحبشة هو ذو نواس الحميري، ولم يكن يقال له تبع إلا أن هذا يحتمله الشعر على أن يجعل كل ملك للعرب تبعاً، كما جعلوا كل ملك للروم قيصر، وكل ملك من ملوك الحيرة النعمان)) .