لا نعرف ما إذا كانوا عثروا عليه حقيقة أم لا، وإذا كانوا عثروا عليه فهل نشروه أم لا. وكل ما نعرف منه هو ما جاءنا عن طريق ابن هشام والذي يعرفه الناس الآن بسيرة ابن هشام، والرواية السابقة عن تكليف أبي جعفر المنصور لابن إسحاق بكتابة كتاب في التاريخ من بدء الخليقة إلى وقته هي المشهورة، ومع شهرتها فإن النفس لا تطمئن إليها، بل يمكننا أن نقول: إن محمد بن إسحاق قد ألف كتابه، أو وضع أصوله على الأقل قبل أن يغادر المدينة المنورة إلى العراق وذلك للأسباب الآتية:

أولًا:

تنص تلك الرواية المشهورة -التي أوردها البغدادي وابن خلكان وغيرهما- على أن الخليفة أبا جعفر المنصور طلب من ابن إسحاق أن يؤلف لابنه وولي عهده -محمد المهدي- كتابًا منذ خلق الله آدم إلى وقته الذي هو فيه، وذلك الوقت وإن لم يحدد بدقة، فهو بالتأكيد بعد سنة 136هـ، وهي السنة التي تولى فيها أبو جعفر المنصور الخلافة -بعد وفاة أخيه أبي العباس السفاح- وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا توقف ابن إسحاق بالكتاب عند وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولم يضمنه شيئًا سوى سيرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلا ما كان من حديثه عن مؤتمر السقيفة، وبيعة الخليفة الأول أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- وهي أمور من النتائج المباشرة لوفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015