وأما نعيم القبر، فقد دل عليه قوله تعالى: {فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ} كما سبق.
وقد تقدم في حديث البراء وغيره ذكر بعض نعيم القبر.
وروى ابن وهب، حدثني عمرو بن الحارث أن أبا السمح دراجا حدثه عن ابن حجيرة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المؤمن في قبره لفي روضة خضراء ويرحب له قبره سبعون ذراعا وينور له فيه كالقمر ليلة البدر" 1.
وروى أبو عبد الرحمن المقرئ حدثنا داود وأبو بحر عن صهر له يقال له مسلم بن مسلم عن مورق العجلي عن عبيد بن عمير قال قال عبادة بن الصامت إذا حضرت الوفاة يعني المؤمن المجتهد بالقرآن جاء القرآن فوقف عند رأسه وهم يغسلونه فإذا فرغ منه دخل حتى صار بين صدره وكفنه فإذا وضع في قبره وجاء منكر ونكير خرج حتى صار بينه وبينهما فيقولان له إليك عنا فإنا نريد أن نسأله فيقول والله ما أنا بمفارقه وإن كنتما أمرتما فيه بشيء فشأنكم ثم ينظر إليه فيقول هل تعرفني فيقول لا فيقول أنا القرآن الذي أسهر ليلك وأظمأ نهارك وأمنعك شهوتك وسمعك وبصرك فستجدني من الأخلاء خليل صدق فأبشر فما عليك بعد مسألة منكر ونكير من هم ولا حزن ثم يخرجان عنه فيصعد القرآن إلى به فيسأله فراشا ودثارا قال فيؤمر له بفراش ودثار وقنديل من الجنة وياسمين من الجنة فيحملها ألف ملك من مقربي السماء الدنيا قال فيسبقهم إليه القرآن فيقول هل استوحشت بعدي فإني لم أزل بربي حتى أمر لك بفراش ودثار من الجنة قال فتدخل عليه الملائكة فيحملونه ويفرشون له ذلك الفارش ويضعون الدثار تحت رجليه والياسمين عند صدره ثم يحملونه ثم يضعونه على شقه الأيمن ثم يصعدون عنه فيستلقي عليه فلا تزال ينظر إلى الملائكة حتى يلجوا في السماء ثم يدفع القرآن في قبلة القبر فيوسع عليه ما شاء الله من ذلك.