وقد روى عنه من جوهد متعددة أنه قال في آخر خطبة خطبها - رحمة اله عليه: ألا ترون أنكم في أسلاب الهاليكن ثم يرمها بعدكم الباقون كذلك حتى يرد إلى خير الوارثين وفي كل يوم تشيعون غاديا ورائحا قد قضى نحبه فتودعونه وتدعونه في صدع من الأرض غير ممهد ولا موسد قد فارقه الأحباب وخلع الأسباب وسكن التراب وواجه الحساب غنيما عما خلف فقيرا إلى ما قدم.
وكان ينشد هذه الأبيات:
من كان حين تصيب الشمس جبهته ... أو الغبار يخالف الشين والشعثا
ويألف الظل كي تبقى بشاشته ... فكيف يسكن يوما راغما جدثا
في ظل مقبرة غبراء مظلم ... يطيل تحت الثرا في غمه اللبثا
تجهزي بجهاز تبلغين به ... يا نفس قبل الردى لم تخلقي عبثا
وروى ابن أبي الدنيا أن محمد بن واسع دخل على بلال بن أبي بردة فسأله عن القدر فقال له: جيرانك من أهل القبور فكر فيهم فإن فيهم شغلا عن القدر.
وعن مغيث الأسود الزاهد قال: زوروا القبور كل يوم تفكركم.
وقال النضر بن المنذر لإخوانه: زوروا الآخرة بقلوبكم وشاهدوا الموقف بتوهمكم وتوسدوا القبور بقلوبكم واعملوا أن ذلك كائن لا محالة فاختار لنفسه ما أحب من المنافع والضرر.
وقال أحمد بن أبي الحواري: سمعت مضر بن عيسى يقول: رحم الله قوما زاروا إخوانهم بقلوبهم في قبورهم وهم قيام في ديارهم يشيرون إلى زيارتهم بالفكر في أحوالهم.
وعن عبد الله بن المبارك: مر برجل راهب عند مقبرة ومزبلة فناداه فقال: يا راهب إن عبدك كنزين من كنوز الدنيا لك فيها معتبر: كنز الأموال وكنز الرجال.
وقال ابن أبي الدنيا ثنا محمد الصبغي قال: انتفض غنام بن علي يوما وهو مع أصحابه فقال له بعضهم: ما الذي أصابك؟ قال: ذكرت اللحد.
قال: وحدثنا محمد بن أحمد قال: قال هسام الدستوائي: ربما ذكرت الميت إذا