الفتح معنا التعلق ذكره ابن الجوزي وبكل حال فلا يلزم مساواتهم للشهداء في كمال تنعمهم في الأكل والله أعلم.
وقد ذهب طائفة من المتكلمين إلى أن الروح عرض لا تبقى بعد الموت وحملوا ما وردد من عذاب الأرواح ونعميها بعد الموت على أحد أمرين:
1- إما أن العرض الذي هو الحياة يعاد إلى جزء من البدن.
2- أو على أن يخلق في بدن آخر.
وهذا الثاني باطل قطعا لأنه يلزم منه أن يعذب بدن غير بدن الميت مع روح غير روحه فلا يعذب حينئذ بدن الميت ولا روحه ولا ينعمان أيضا وهذا باطل قطعا والأول باطل أيضا بالنصوص الدالة على بقاء الروح منفردة عن البدن بعد مفارقتها له وهي كثيرة جدا وقد سبق ذكر بعضها.
وقد احتج بعضهم على فناء الأرواح وموتها بما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا دخل المقابر قال: "السلام عليكم أيتها الأرواح الفانية والأبدان البالية والعظام النخرة التي خرجت من الدنيا وهي بالله مؤمنة اللهم أدخل عليهم روحا منك وسلاما منا" وهذا الحديث خرجه ابن السني من حديث عبد الوهاب بن جابر التيمي حدثنا حبان بن علي عن الأعمش عن أبي رزين عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا لا يثبت رفعه وعبد الوهاب لا يعرف وحبان ضعيف ولو صح، حمل على أنه أراد بفناء الأرواح ذهابها من الأجساد المشاهدة كما في قوله تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} [الرحمن: 26] وبعض الأبدان باقية كأجساد الأنبياء وغيرهم وإنما تفارق أرواحها أجسادها.
وذكر عن ابن عباس أنه سئل أين تكون الأرواح إذا فارقت الأجساد؟ فقال: أين يكون السراج إذا طفي والبصر إذا عمي ولحم المريض إذا مرض؟ فقالوا: إلى أين؟ قال: فكذا الأرواح وهذا لا يصح عن ابن عباس والله أعلم.