الأمر الأول: في المراحل الدعوية
تعدُّ السيرة النبوية لب الإسلام وروحه، وتجسيداً حيًّا لجميع تعاليم الإسلام، فلا يستغني عن النظر فيها أي عالم أو طالب علم، فهي دوحة عظيمة فيها كل الثمار اليانعة، كلُّ يقطف منها ما يناسبه، وكيف لا تكون كذلك وهي ربانية المصدر {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً} [النساء:170] .
فلو أمعن الإنسان النظر في السيرة النبوية لوجدها من الناحية الدينية كاملة المنهج، وأقصد بذلك المنهج الدعوي الذي سار عليه صلى الله عليه وسلم في مكة، فقد وضع صلى الله عليه وسلم أسساً لهذا المنهج يتمثل فيما يلي:
1-دعوة الأقارب من زوجة وأبناء، ومن وضعهم الله تحت يده بادئ ذي بدء؛ ولذلك نجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما نزل عليه الوحي وأمر بتبليغه في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ، قُمْ فَأَنْذِرْ} [المدثر: 1، 2] .
بدأ بأهل بيته، فأسلمت خديجة رضوان الله عليها، بل كانت أول النساء إسلاماً على الإطلاق.
ثم أسلم من الصبيان عليّ رضي الله عنه، ثم من الموالي زيد بن حارثة رضي الله عنه.
وهذا هو المنهج السليم؛ لأنّ الله سبحانه وتعالى يقول: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} [البقرة:44] ، وقوله سبحانه {كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} [الصف:3] ، وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا