النهضة الحديثة، ودَأَبَ في إخراج مؤلف ضخم في دراسته وتحليل عصوره الأدبية العامة، وبفضل نشاطه المستمر، وجهاده المضني تمكن من تأليف أوسع مؤلف حديث في الأدب المصري إلى بدء النهضة الحديثة، وبوبه، ورتبه، وكتبه بيده، وقسمه جزأين:

الأول: في الأدب المصري إلى عصر المماليك، وحجمه حوالي "ثلاثمائة" 300 صفحة، والثاني: في الأدب المصري في عصر المماليك، وحجمه في حجم الأول، وقد انتهى المرحوم الفقيد منهما قبل وفاته بليلة واحدة، وفي مطلع الليلة التي توفي فيها كان يكتب في خاتمة الكتاب، وقد قُدِّمَ هذا الكتاب الحافل في مسابقة علمية في الأدب المصري إلى وزارة المعارف بعد وفاة مؤلفه، فكافأت أهل الفقيد عليه، وستشرع في نشره لتسد به النقص الكبير الذي كان يجده كل طامح في الإلمام بالأدب المصري وعصوره الأدبية المختلفة.

وفي يوم الأحد 20 أبريل سنة 1941م ألقى الفقيد محاضراته في الكلية؛ ثم استراح في مكتبتها، وخرج منها بعد الساعة الواحدة ظهرًا، وفي مساء هذا اليوم عكف على الكتابة، ليختم كتابه "الأدب المصري"، وقبل منتصف الليل بقليل شعر بتعب شديد، فترك القلم ليستريح، ولكن الألم ازداد واستدعي لإسعافه بعض الأطباء، ولكنه خَرَّ بين أيديهم صريعًا شهيدًا مضحيًا بنفسه وروحه في سبيل الرسالة التي حملها وجاهد في سبيلها، وهي رسالة العلم والثقافة والأدب.

وفي أصيل يوم الاثنين 21 أبريل ائتلف عقد المشيعين له في سرادق بجوار داره، وسرنا في جنازته، تخنقنا العبرات، وتطيف بنا الذكريات، ويا لها من ذكريات، وعَبَرَ المشيعون حيّ الروضة، موطن الفقيد وحي سكناه، ومغدى طفولته، ومسرح شبابه ورجولته، إلى مسجد بعد الحي صُلِّي فيه على الفقيد الراحل، ثم حملت جثمانه الطاهر سيارة أقلته إلى مقابر العففي، فتركناه وودعناه، بعد أن شيعناه إلى مقرّه الأخير في مغرب يوم الاثنين 21 أبريل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015