5- إن الشعر الحر لا يتقيد الشاعر فيه بنظام التفاعيل العروضية؛ إذ يتنوع فيه النغم وتتجدد التفعيلات. ولا يقيد البيت بنظام الشطرين المعروف في البيت الشعري، ونظم منه شعراء من مدرسة أبولو، وكثير من الشعراء الواقعيين والرمزيين في مصر وسوريا ولبنان والعراق، والتفعيلة العروضية هي الإناء الموسيقي للشعر الجديد ... ومن أشهر دعاته: نازك الملائكة ومصطفى السحرتي ومحمد مندور.
والشعر الحر -ولا شك- تغيير كامل لنظام القصيدة الشعرية العمودية. وفيه محاولة لسَدْلِ الستار على تراثنا الشعري المأثور.
إن كنّا نؤثر القصد في الحكم، والتوسط في الأمر، بحيث لا تصبح الأوزان جامدة كما يريده المحافظون وبعض شعراء الغرب؛ مثل: وردزورث، ولا يصبح الأمر فوضى كما يريده دعاة الشعر الحر وبعض شعراء الغرب مثل: كولردج.
وشعراؤنا المعاصرون يمكنهم أن يجددوا في روح القصيدة الشعرية وجوهرها، كحرصهم على تمثل التجربة الشعرية كاملة في قصائدهم، وكذلك الوحدة العضوية للقصيدة، وكذلك سيرهم بالمضمون الشعري ليكون أكثر تعبيرًا عن حاجات الإنسان والمجتمع العربي وآماله؛ أما التجديد في شكل القصيدة العربية الموروث، فنحن نقبله، ولكن في أناة وبقدر، حتى لا يفجأ القراء والسامعون بما لم يألفوا، وربما لا يمت إلى قديمنا بأية صلة، ولنا أسوة بما صنع أسلافنا من ألوان التجديد في البناء الفني للقصيدة العربية.
ويزيد من إيماني برأيي في الشعر الحر -وهو أنه تجديد متطرف لا يقبله الذوق العربي، ولا يتفق مع تراثنا الشعري، ولا يصلح منهجًا شعريًّا لجيلنا العربي- إن كثيرًا من الشعوبيين الحاقدين على العربية وتراثها قد حشروا