كله ليكون علاجًا حاسمًا لمرضى "الطغيان" و"الاستضعاف"، ومضاعفاتهما في الاستكبار والاستعباد، وليكون واقيا من استفحال عقلية "الطغيان" التي تنسى الله الخالق، وتغفل عن سننه في الاجتماع الإنساني والتاريخ، وتضع "الإنسان المترف" في المقام الأول في الوجود، وتهبط بـ"الإنسان المستضعف" إلى أسفل سلم المخلوقات. فعقلية الطغيان هذه عقلية خطيرة مدمرة تحمل في تلافيفها تدمير الإنسان وانهيار الحضارة. فقوة الله القيوم قائمة في التاريخ، فاعلة مهيمنة في الاجتماع الإنساني، وسوف نرى عملها فلا تستعجلوه!! وعلى التربية الإسلامية الجديدة، ومؤسساتها التنفيذة أن تقنع العالم بالبينة، وسلطان البرهان والعلم أن سنن الله لا يعلو عليها "الإنسان المترف" الذي يطغى أن رآه استغنى، فإن إلى ربنا الرجعي!!
والتوصية الثامنة، إن التربية الإسلامية المنشودة تحتاج أن تضع في قمة أساليبها بناء "مؤسسات القراءة"، والانطلاق -من القراءة- في كل عمل أو نشاط. والمقصود بالقراءة قراءة كل ما يتعلق بالأمم التي تسكن قرية الكرة الأرضية، ونشاطاتها وثقافاتها، وأنماط تفكيرها. ولا بد من توفير وسائل القراءة التي تبتكرها تكنولوجيا العصر، وتيسر الإحاطة بكل لغات العصر وفلسفات العصر وشئون العصر. ولا بد من توفير "القراء" المتخصصين المتفرعين الذين يتوزعون، ويتكاملون حسب موضوعات القراءة وميادينها ووسائلها؛ لأن "القراءة" المطلوبة يجب أن "تحيط" بكل ما يجري في قرية الكرة الأرضية، و"ترسخ" في التفاصيل الدقيقة قبل أن تقدم على أي تخطيط أو تنفيذ. وهذا هو اللائق بالأمة التي تنهض للعمل باسم دين بدأ الوحي فيه بكلمة "اقرأ"، ولم يبدأ بـ"صل" أو "زك" أو "حدج" أو "جاهد" أو ... أو ... لأن كل صلاة أو زكاة أو حج أو جهاد، أو عمل لا تسبقه قراءة راسخة محيطة بأهداف العمل وميادنيه ومناهجه، وطرقه ووسائله وأدواته وطبيعة عصره، وبيئته سوف يكون عملا فاشلا خاسرا.
إن آفة -المسلم التقليدي- الموجود أنه يناصر، ويخاصم بدون قراءة،