5- تتحدد مكانة الأفراد في الأمة، ومسئولياتهم طبقا لأصولهم القومية ومكانتهم الاجتماعية، ومواقعهم على دوائر الولاء للقوم أو الإقليم، أو العشيرة أو الأسرة دون اعتبار لمقاييس الفكر، والقدرات الفكرية والولاءات الإسلامية إلا بمقدار ما تمليه الضرورة في تأمين الولاء لأشخاص القيادة، واستقرار نفوذهم.
6- تهتز مكانة العدل في الأمة، وتبذر بذور الظلم، وتفقد قيم الرسالة فاعليتها وتأثيرها وتتحول إلى قيم مخزونة في مخازن التراث "ينفقها" الأقوياء لتبرير هيمنتهم واحتكاراتهم، و"ينفقها" المستضعون لاستجداء -أشيائهم، مما يمهد إلى ظهور "قيم كفر الترف" و"قيم النفاق" و"قيم كفر الحرمان" التي تفترس المظلومين من أذكياء الأمة ومحروميها1.
7- يتحول "ولاء" عامة الأمة وحبهم، وطاعتهم إلى "الأشخاص" الأقوياء الذين يحتكرون "الأشياء"، ويتحكمون بمصائر "الأشخاص" الأتباع. وبذلك يتحول الناس من تأليه الله مصدر الرسالة -أي حبه وطاعته- إلى تأليه -الأشخاص الأقوياء- وتتحرك إراداتهم إلى المدى الذي يحدده هذا التأليه. وبذلك تنتقل الأمة من صفاء التوحيد إلى شرك الصنمية: صنمية الأشخاص التي أطلق القرآن عليها اسم -صنمية الأنداد- وتبتكر رموزا جديدة للصنمية تتلاءم مع روح العصر وثقافته واتجاهاته. وبذلك تتحول الأمة من "أمة رسالة" إلى "أمة سدنة". والفرق بين النوعين من الأمة أن الأولى تضحي بالأموال، والنفوس في سبيل الرسالة بينما "تنفق" أمة السدنة أفكار الرسالة لتنال السلطان، وتجمع المال وترفه النفوس، ويتحول فيها العلماء ورجال الفكر، ومؤسسات التربية إلى التعلق برسوم العلم ومظاهره ويشتغلون بـ"فقه" الأشكال بدل "فقه" الأعمال.
ولقد بدأ هذا الطور -طور الولاء للقوم- في حياة الأمة الإسلامية