والتنفيذ. ويشير القرآن الكريم إلى هذه الحلقات الخمس عند قوله تعالى: {يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ} ، حيث يشير كلمة "سركم" إلى الحلقات الثلاث الأولى -الخاطرة والفكرة والإرادة- التي تحدث داخل سر الإنسان، وتشير كلمة "نجواكم" إلى الحلقة الرابعة -حلقة التعبير اللغوي، وكلمة "ما تكسبون" إلى الحلقة الخامسة -حلقة الممارسة العملية.

والإنسان لا يتوقف لحظة من لحظات عمره عن العمل. ولكن يتفاوت نضج حلقات العمل التي يتم إنجازها. فبعض الأعمال يتوقف عند الحلقة الأولى: حلقة الإرادة فيظل العمل أمينة. وبعضها يتوقف عند الحلقة الثانية: حلقة الفكر فيظل العمل فكرة. وبعضها يستمر حتى الحلقة الأخيرة: حلقة "الممارسة" الحسية فيصبح العمل إنجازا، ويستحق أن يوصف بأنه "عمل".

والذي يقرر فاعلية كل حلقة من حلقات العمل الخمس هو درجة الكفاءة -أو الحكمة حسب تعبير القرآن- التي تنجز كل حلقة. وهذه الكفارة هي ثمرة التربية التي تتعهد هذه الحلقات بالتنمية والرعاية. والنجاح في حلقتي الخاطرة والإرادة -ثمرته "الإخلاص" في العمل، أما النجاح في حلقة الفكرة فثمرته "الصواب" في العمل، وأما النجاح في حلقة الممارسة ثمرته "إنجاز" العمل. واجتماع الثمرات الثلاث وتكاملها يجعل العمل يتصف بصفة "الفلاح". وإلى هذه الصفة كانت الإشارة في القرآن الكريم عند أمثال قوله تعالى: {الْمُفْلِحِينَ} ، و {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} ومشتقاتها. والفلاح -كما عرفه الرازي- معناه: الظفر بالمطلوب، والمفلح هو الظافر بالمطلوب1.

وفي الغالب يتقرر مسار العمل نحو الصلاح أو السوء من خلال الحلقة الأولى: حلقة الإرادة فإن كانت إرادة إيجابية صالحة امتدت صفة الصلاح إلى حلقتي الفكر والممارسة، وإن كانت سيئة امتدت صفة السوء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015