والسبب الثالث الذي يجعل البحث في أهداف التربية الإسلامية أمرا هامًّا هو أن هناك ضرورة ملحة إلى بلورة أهداف تربوية محددة تتصف بالأصالة والمعاصرة سواء. فما زالت النظم والمؤسسات التربوية القائمة في الأقطار العربية، والإسلامية تعاني في هذا المجال من أمرين اثنين:
الأمر الأول: إن النظم والمؤسسات التربوية التي أنشئت في هذه الأقطار على النمط الأوربي والأمريكي ما زالت مغتربة ثقافيا وتربويا في هاتين القارتين. وهي في هذا الاغتراب، والتقليد تحتفظ دائما بفجوة تربوية واسعة بينها، وبين النظم التي تقلدها. وهذا أمر كامن في طبيعة التقليد نفسه إذ لا يمكن للمقلد أن يلحق بمن يقلده، أو يتساوى معه ماديًّا ونفسيًّا وعقليًّا. ففي الوقت الحاضر -مثلًا- تراجع الدوائر التربوية في أمريكا وأوربا تراث أمثال ديوي وسكنر وفرويد مراجعة جذرية شجاعة -كما يفعل المراجعون Revisionists، ولكن المؤسسات التربوية في الأقطار العربية والإسلامية ما زالت تعتمد على الترجمات، التي نقلت عن هذا التراث قبل عشرين سنة أو ثلاثين أو أكثر بكثير. ولعل المثال التالي يقدم نموذجا واضحا للفجوة التربوية المشار إليها بين كلا النوعين من المؤسسات. ففي عام 1958 وضع فيليب هـ. فينكس كتابه -فلسفة التربية- متأثرًا بالمثالية القديمة، وفي عام 1982 نشرت ترجمته دار النهضة العربية بالقاهرة بعد أن قدمت له بأنه عمل تربوي جديد يلبي حاجة الطلبات المتزايدة من الباحثين، والدراسين ويسد ثغرة تربوية هامة.