ولقد أثبت تاريخ الإنسان على الأرض إن هذه الطبيعة الخيرة في الإنسان لا يستخرجها إلا الإيمان بالله، وما يقتضيه هذا الإيمان من أعمال وتطبيقات.
وأما عن "الجنسية" فالقرآن واضح وصريح في اشتقاق جنسية الإنسان من "الأفكار" التي يدور في فلكها. فالدين يدورون في فلك -الأفكار- الرسالة الإسلامية أسماهم "المؤمنين"، والذين يكفرون -أي يحجبون، ويخفون- أفكار الرسالة ويقفون عند "أفكار" خاطئة تقتصر على معالجة الرغبات العاجلة في محطة -الحياة الدنيا- يطلق عليهم اسم "الكافرين"، والذين ينفقون "الأفكار" من أجل تعزيز ولاءاتهم لـ"الأشخاص" و"الأشياء" يطلق عليهم اسم "المنافقين".
والنموذج الأول -نموذج المؤمنين- هو الذي تشتق "جنسية" الإنسان المسلم منه، وتتطلع التربية الإسلامية إلى تنشئته. ويشدد القرآن الكريم على هذه الجنسية، ويربط بينها وبين الغاية من إخراج الأمة المسلمة والوظيفة التي أخرجت من أجلها. من ذلك قوله تعالى:
{وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} [الحج: 78] .
ويلحق بـ"جنسية" الإنسان المؤمن "طبقته" داخل الأمة المسلمة. وتقرر هذه الطبقة طبقا لدرجة -اتقائه- من الإصابة بمرض الطغيان أو الهوان، وإلى هذا المقياس يشير قوله تعالى:
{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] .
وبهذا المقياس تحددت في مجتمع النبوة طبقات الأمة المسلمة، فظهرت طبقة "المهاجرين" و"طبقة الأنصار" و"طبقة الطلقاء" و"طبقة