ونساء فلا تضطرهم لقمة العيش إلى التفريض بكراماتهم، وحرماتهم ولا إلى تجارة الفواحش والمنكر. وهو "رزق كريم" يحفظ كرامة الأمة التاريخية، فلا يلطخ سمعتها ويصمها بعار الغزو والاستعمار والتسلط والاحتلال، وهو يحفظ كرامتها الحضارية، فلا يضطرها إلى ممارسة الفضائح ونقض المواثيق، والتآمر على الأصداء وإيثار المنافع المادية على علاقات الرقي الحضاري. وهو "رزق كريم" يحفظ كرامة الأمة الاجتماعية، فلا تحتاج إلى تقدمة أعراضها ونسائها كراقصات، ومغنيات وغوان في أماكن اللهو والفاحشة لتجلب السائحين، وطالبي المتع المحرمة الضارة! وأخيرًا هو "رزق كريم" يحفظ للأمة المسلمة كرامتها عند الله، ويمنحها كرامة الدرجات العلى في الآخرة سواء في المنزلة أو المأوى.

والأهمية الثالثة لقيام "أمة المؤمنين" هي ما توجه إليه الآية الرابعة -آية 75 من السورة- من خلال الإشارة إلى أن -الأمة المسلمة- هي مجتمع مفتوح غير مغلق. فباب الهجرة إليه مفتوح، والانضمام إليه له شرط واحد فقط هو الإيمان والمشاركة في حمل الرسالة، مع مراعاة روابط الأرحام بين المهاجرين في جميع الأزمان حتى لا يؤدي اختلاط المهاجرين بدون ضوابط إلى التفكك الاجتماعي. فالله عليم بقوانين الاجتماع السليم، وغير السليم وبالنتائج الحسنة أو السيئة.

وبسبب هذه الأهمية -لإخراج الأمة المسلمة- أدرك رجالات الأمة الإسلامية الأوائل أهمية إخراج "الأمة المسلمة"، ومتطلبات العضوية فيها. من ذلك ما قاله عمر بن الخطاب حين قرأ قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} قال:

"يا أيها الناس من سره أن يكون من تلكم الأمة، فليؤد شرط الله فيها"1.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015