الدعوة وتبليغ الرسالة. وهذا ما فهمه أبو بكر الصديق حين حذر جيوش الفتح الإسلامي، التي وجهها إلى منطقة ما حول الأقصى من الانحراف عن أهداف الرسالة الإسلامية فقال:
"إنكم تقدمون الشام وهي أرض شبيعة، وإن الله ممكنكم حتى تتخذوا فيها مساجد، فلا يعلم أنكم إنما تأتونها تلهيا، وإياكم والأشر"1.
4- تقديم التفاصيل الكاملة لما يجب أن يكون عليه تنظيم -أمة الرسالة- ومؤسساتها، وقيمها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ونشاطاتها المختلفة في الداخل، ثم تنظيم علاقاتها بالجماعات البشرية في الخارج.
أثر ثقافة العصبية العربية في تشويه مفهوم -الأمة- بعد العصر الراشدي:
من الإنصاف أن نقول: أنه كما كان للبيئة المصرية أثرها في انطلاقة موسى عليه السلام، فإن كان للبيئة العربية أثرها في انطلاقة محمد -صلى الله عليه وسلم. وهو أثر له جانبان: جانب إيجابي، وآخر سلبي.
أما عن الجانب الإيجابي، فإن البيئة العربية سهلت نجاح الرسول -صلى الله عليه
وسلم- في تربية الإنسان المسلم على تعشق المثل الأعلى، والتضحية في سبيله.
ذلك أنها خلت من كثير مما كان في البيئة المصرية من ركام العقائد والثقافة،
والقيم التي كبلت أفهام أتباع موسى عليه السلام، ولم يكن في الجزيرة العربية استقرار زراعي، وازدهار اقتصادي مما يفرز حياة الترف والتثقاقل إلى الأرض، وإنما فرضت البيئة الصحراوية القاسية نوعا من حياة الطوارئ والاستعداد الدائم للتحضية أمام الصعوبات، والأخطار الطبيعية والبشرية القائمة.