ونوزاع التكسب بالمقدسات، وأما أدخلته حمية العصبيات القبلية من مظاهر الشرك والوثنية. ثم دعوة فرع ذرية إسحاق من اليهود، والنصارى للتخلص من طابع "شعب الله المختار"، وما رافقه من تشويهات لأصول العقيدة والرسالة لصالح المترفين، وأرباب الجاه والسلطان والكهانة. ثم دعوة الفريقين للاجتماع في صفوف "أمة الرسالة" الجديدة لاستئناف المهمة الأساسية مهمة الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والإيمان بالله بين الناس كافة.
2- القضاء على الانشقاقات التي حدثت في ذرية إبراهيم، وتسببت في تقسيم نواة "الأمة المسلمة" إلى يهود ونصارى، وما تلا هذا الانشقاق من انشقاقات أخرى تتنافى مع الغاية الكبرى التي بدأها -إبراهيم- لإخراج "أمة الرسالة" التي تعمل على جمع البشرية كلها على منهاج واحد في الفكر والاجتماع فتتوثق روابطها، ويرقى نوعها وتعود إلى سابق عهدها أمة واحدة وربا واحدا.
ولتحقيق هذا الهدف تكررت الدعوة في القرآن إلى أهل الكتاب للإقبال إلى -كلمة سواء- أي منهج موحد مستقيم أساسه "ملة إبراهيم الحنيف":
{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ، يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْأِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ، هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ، مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 64-68] .