من "الآباء" وبين قيم ومفاهيم الطور الجديد الذي يدلف إليه "الأبناء". ولذلك كان عمل الرسالات هو القضاء على التناقض والاضطراب، والتمزق المذكور ثم تسهيل الانتقال إلى الطور الجديد وتنظيمه.

ثم جاء طور "الأمة" حينما بدأت الحدود الإقليمية تتهدم، وبدأ انسياح الأقوام والشعوب بعضهم على بعض. ولكنه انسياح سلبي مدمر اتخذ طابع الغزو والعدوان على الأبدان والنفوس، والعقول والممتلكات كما تمثل في الفراعنة والأشوريين، والكلدانيين وغيرهم. فجاءت الرسالات الموازية لهذا الطور ابتداء من -إبراهيم الكلداني- بمفهوم "الأمة"، وهو مفهوم فكري -نفسي يستمد محتواه من روابط الفكر والعقيدة، ويتخطى روابط الدم والأرض السابقة.

ولقد سبق اختيار إبراهيم عليه السلام للبدء بالإعداد لإخراج الأمة المسلمة اختبار لقدرته على القيام بهذه المهمة، ومدى استعداده لتقديم تكاليفها ومتطلباتها. وإلى هذا الاختبار يشير القرآن الكريم بقوله تعالى:

{وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} [البقرة: 124] .

والكلمات التي ابتلي بها إبراهيم عليه السلام هي الحوادث التي اختبره الله بواسطتها وهي:

أولا، استعداده للتضحية بنفسه.

والثانية، استعداده للهجرة والتخلي عن روابط الأسرة والدم والوطن.

والثالثة: استعداده لمحاربة العقائد القائمة ورموز الثقافة المعاصرة المتخلفة.

والرابعة، استعداده للتضحية بولده وأسرته.

وتشير الآيات القرآنية إلى أن إبراهيم عليه السلام اجتاز هذه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015